للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زمنه، وهذا ضابط السنة (١) (فأما الرجل في خاصة نفسه) ويروى في خاصته (فإن أذن فحسن)؛ أي: مستحب ظاهره سواء كان في حضر أو سفر.

والمشهور اختصاصه بالمسافر دون المقيم لما صح أن أبا سعيد سمع رسول الله يقول: «إذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت للصلاة فارفع صوتك بالنداء فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن إنس ولا جن ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة» (٢) قال التوربشتي: المراد من هذه الشهادة اشتهار المشهود له يوم القيامة بالفضل وعلو الدرجة (٣).

(ولا بد له من الإقامة)؛ أي: أن الإقامة تطلب من المكلف طلبا أكيدا إن كان رجلا كما ثبت في غير موضع من سقوط الأذان دون الإقامة لثانية الصلاتين بعرفة، وما بعد أولى الفوائت كما في «سنن أبي داود» عن ابن مسعود في قضاء رسول الله للفوائت يوم الخندق. والأحاديث على سنيتها متواترة (٤)، منها حديث أنس قال: «أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة، قال إسماعيل فذكرت ذلك لأيوب فقال: إلا الإقامة» (٥)، وسئل مالك عن النداء والإقامة فقال: (لم يبلغني في النداء والإقامة إلا ما أدركت الناس عليه، فأما الإقامة فإنها لا تثنى، وذلك الذي لم يزل عليه أهل العلم ببلدنا)؛ أي: عمل أهل المدينة (٦).

ومحل سنة الإقامة إن كان الوقت متسعا وإلا تركها؛ وإذا تراخي ما بين الأذان والإقامة بطلت الإقامة واستؤنفت.


(١) كذا قال الأزهري، وممن نقل عنه ولكن أيضا ضابط الفرض وهو المداومة عليه في زمنه وفي غير زمنه فهذا لا يصلح دليلا هكذا، والله أعلم.
(٢) مالك في الموطأ (١٥١)، والبخاري (٦٠٩).
(٣) تنوير الحوالك (١/ ٨٨). ولابن العربي تعليق على سماع الجمادات وشهادتها على العباد أو لهم. المسالك (٢/ ٣٢٢).
(٤) انظر: نظم المتناثر (ص ٨٥).
(٥) رواه البخاري (٦٠٣)، ومسلم (٨٣٦ - ٨٣٩).
(٦) شرح الزرقاني (١/ ٢١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>