وعللوا عدم الإجزاء بكون التيمم لا يرفع الحدث، فلا يستباح به إلا أقل ما يمكن، أو لأنه لا يتقدم على الوقت، أو لأن طلب الماء واجب لكل صلاة، واستشكل كل من هذه الثلاثة بما لا نطيل (١).
قال القرافي: وبطلان القول بأن التيمم لا يرفع الحدث، فإن الإباحة حاصلة به فيكون الحدث مرتفعا ضرورة، وإلا لاجتمع المنع مع الإباحة وهما ضدان (٢). وعلى هذا فلا يبقى في المسألة خلاف، وللمازري (٣) و ابن راشد (٤) كلام للتوجيه فانظره في محله.
قلت: والحديثان اللذان استدل بهما من استدل من المالكية والشافعية ضعيفان (٥) لا تقوم بهما حجة.
قال ابن العربي فإن قيل: قد قيل: إنه لا يصلى فرضان بتيمم واحد.
قلنا: في ذلك تفصيل مذهبي، وبالجملة فيجب أن تعلموا أن الله تعالى مد الطهارة - المائية - إلى غاية وهي وجود الحدث، ومد طهارة التيمم إلى غاية وهي وجود الماء، فإذا وجد الماء ارتفع التيمم كما إذا وجد الحدث ارتفع حكم الماء، وخلص إلى القول: بأن من لم يجد الماء فليبن على التيمم الأول (٦)، وهو الذي أميل إليه.
= وأخرجه الطبراني في الكبير (١/ ٥٢) رقم (١١٠٥٠)، وانظر: نصب الراية للزيلعي (١/ ١٥٩). (١) تنوير المقالة (١/ ٥٦٥). (٢) الذخيرة (١/ ٣٥٨ - ٣٦٥)، وانظر: المسالك في شرح موطأ مالك لابن العربي (٢/ ٢٣٣). (٣) شرح التلقين (١/ ٣٠٧). والمازري بفتح الراء: هو أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر المالكي المحدث المعروف مصنف «المعلم في شرح مسلم»، توفي بالمهدية سنة (٥٣٦ هـ) ودفن بالمنستير. انظر: شجرة النور الزكية (١٢٧). (٤) ابن راشد صاحب كتاب المذهب ذكرت ترجمته في موضع آخر. (٥) بل قال الألباني: موضوع ولا يصح عن ابن عباس مرفوعا ولا موقوفا، كما في الضعيفة (١/ ٦١٢). (٦) المسالك في شرح موطأ مالك لابن العربي (٢/ ٢٣٣ - ٢٣٤). بتصرف.