للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٧ - ٢٨] وكذلك هذه الأنهار السارحة من قطر إلى قطر لمنافع العباد، وما ذرأ في الأرض من الحيوانات المتنوعة، والنبات المختلف الطعوم والأرابيح والأشكال والألوان مع اتحاد طبيعة التربة والماء، علم وجود الصانع وقدرته العظيمة وحكمته ورحمته بخلقه، ولطفه بهم وإحسانه إليهم وبره بهم، لا إله غيره ولا رب سواه، عليه توكلت وإليه أنيب، والآيات في القرآن الدالة على هذا المقام كثيرة جدا. اهـ.

وقد أحسن الإمام الشافعي وأجاد حينما قال (١):

أيا عجبا كيف يعصى الإله … أم كيف يجحده الجاحد

وله في كل شيء تسكينة … عليك وتحريكة شاهد

وفي كل شيء له آية … تدل على أنه الواحد

(وأعذر إليه على ألسنة المرسلين الخيرة من خلقه) أعذر؛ أي: بالغ في الإعذار لجنس الإنسان والجان بإرسال الرسل الكرام، ليقيم عليهم الحجة، وتتضح لهم المحجة، جاءو عليهم الصلاة والسلام يحملون البشرى للمؤمنين والنذارة للكافرين، واصطفاهم من خير الخلق، قال سبحانه: ﴿الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس إن الله سميع بصير﴾ [الحج: ٧٥] ﴿رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما﴾ [النساء: ١٦٥]، وقال سبحانه: ﴿وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين فمن آمن وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والذين كذبوا بنايتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون﴾ [الأنعام: ٤٨، ٤٩].

(فهدى من وفقه بفضله، وأضل من خذله بعدله)، لما ذكر المصنف منة الله تعالى على عبده بوجوده وموجوده، وقيام حجته عليه في أوامره ونواهيه ذكر أن التوفيق إليها، والهداية لها من فضل الله ورحمته، وأن الإضلال عنها والخذلان فيها من قضائه وعدله، فعاد الأمر إليه كما بدأ منه (٢)، ﴿لا يسئل عما


(١) شعب الإيمان للإمام البيهقي (١/ ١٣٠).
(٢) شرح زروق (١/ ١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>