والرزق شأنه عجيب تهرب منه ويتبعك، قال محمد بن إدريس البلنسي (ت ٦٤٣ هـ):
مثل الرزق الذي تطلبه … مثل الظل الذي يمشي معك
أنت لا تدركه متبعا … وإذا وليت عنه تبعك
واختلف أهل العلم هل الرزق ما تملكه أم هو ما تنتفع به؟ قال صاحب الجوهرة:
والرزق عند القوم ما به انتفع … وقيل لا بل ما ملك وما اتبع
فيرزق الله الحلال فاعلما … ويرزق المكروه والمحرما
والأرزاق مقسومة معلومة عند أهل السنة لا تزيد بتقوى، ولا تنقص بفجور، فالمال، رزق والعلم رزق، والأخلاق رزق، وهكذا كل ما يأتي من الكريم سبحانه، قال إبراهيم الخليل كما جاء على لسانه في الذكر: ﴿وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير﴾ [البقرة: ١٢٦].
(وعلمه ما لم يكن يعلم وكان فضل الله عليه عظيما) تلميح إلى قوله تعالى: ﴿وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما﴾ [النساء: ١١٣]، نعم لقد خرج الإنسان من بطن أمه إلى هذا العالم المترامي جاهلا لا يعرف شيئا، إلا أنه خرج مزودا بآلات الاكتساب والتعلم مما حوله قال تعالى: ﴿والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصر والأفئدة لعلكم تشكرون﴾ [النحل: ٧٨]، فعلمه الله تعالى، وفتح له بصيرته، كما علم أباه من قبل.
إن هذا من فضل الله علينا ونعمه العظيمة التي توصل العبد إلى الفوز العظيم في جنات النعيم، إذ لا فضل أعظم من هذا، والفضل إعطاء الشيء من غير عوض لا في الحال ولا في المال، وهذا لا يكون من غيره تعالى، وإنما قال «عظيما» دون غيره من الأوصاف لاندراج كل صفة حسنة تحت