ممنوع منه في الشريعة، والاتباع ما يثبت عليه حجة، وقال في موضع آخر: كل ما اتبعت قوله من غير أن يجب عليك قوله لدليل يوجب ذلك فأنت مقلده، والتقليد في دين الله غير صحيح.
«وكل من أوجب عليك الدليل اتباع قوله فأنت متبعه، والاتباع في الدين مسوغ والتقليد ممنوع». اهـ.
لكن معلوم أنه ليس كل الناس يصلح أن يطلب الدليل كالعامة وهم السواد الأعظم ولذلك جاز لهم أن يقلدوا، ولذلك استدرك الحافظ ابن عبد البر فقال:«وهذا كله لغير العامة، فإن العامة لا بد لها من تقليد علمائها عند النازلة تنزل بها، لأنها لا تتبين موقع الحجة». اهـ (١).
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(وترك المراء والجدال في الدين، وترك ما أحدثه المحدثون).
الشرح
المراء: بكسر الميم والمد، ومعناه الجدال والتماري، والمماراة المجادلة على مذهب الشك والريبة ويقال للمناظرة مماراة لأن كل واحد منهما يستخرج ما عند صاحبه ويمتريه كما يمتري الحالب اللبن من الضرع.
إن مما يجب أن يعمله المسلم السني هو الابتعاد عن مواطن المراء والجدال في الدين، لا سيما مع أهل البدع والأهواء فإن القلوب ضعيفة والأسماع خطافة، ولن تجد قوما أوتوا الجدل وتركوا العمل إلا وتيقن أنهم قد ضلوا عن الهدى، وقد صح عن النبي ﷺ بيان ذلك فقال:«ما ضل قوم بعد هدى إلا أوتوا الجدل ثم تلا تلك الآية: ﴿ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون﴾ [الزخرف: ٥٨]»(٢).
(١) انظر: جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر (٢/ ١٤٣). (٢) الحديث رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح (٣٢٥٠)، وابن ماجه (٤٨)، وأحمد (٥/ ٢٥٢ و ٢٥٦).