إذن فالسلف إذا أطلق هم سلف هذه الأمة المباركة المرحومة من الصحابة والتابعين وتابعيهم من أهل القرون المزكاة، الذين شهد لهم المعصوم بالخيرية، والسبق إلى اتباع خير البرية، فلذا وجب على أهل السنة اتباع السلف بمعرفة سبيلهم، ونهج صراطهم في أخذ الأدلة من كتاب الله وسنة نبيه ﷺ، فهم الذين فهموا الشرع، وكانوا أبعد الناس عن البدع والأهواء، ولم يحدثوا في دين الله ما أحدثه الخلف ولذلك أوصى النبي ﷺ في موعظته باتباعهم والتمسك بهديهم، والتلبس بسمتهم كما في حديث العرباض بن سارية له:« … فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة»(١).
ويجب علينا الاستغفار لهم والترحم عليهم امتثالا لقول ربنا: ﴿والذين جاءو من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم﴾ [الحشر: ١٠]، وجزاء لما قدموه لنا اعترافا بفضلهم، وشكرا لهم على جهدهم، وعظيم عملهم.
واختيار المصنف لكلمة الاتباع ظاهرة في أخذ المكلف بالدليل إذا تبين له من نصوص الكتاب والسنة والإجماع الصحيح، ولا يجوز له التقليد بحال؛ لأن كل اجتهاد يخالف النص، فهو اجتهاد باطل (٢)، والفرق بين الاتباع والتقليد كما قال الحافظ ابن عبد البر ناقلا عن خويز منداد من أئمة المذهب: هو أن التقليد معناه في الشرع: الرجوع إلى قول لا حجة لقائله عليه (٣)، وذلك
(١) تقدم تخريجه (٢) انظر: الإقليد للأسماء والصفات والاجتهاد والتقليد للشيخ محمد الأمين الشنقيطي صاحب «أضواء البيان» (ص ١٧٥). ولا يفوتنك الاطلاع على كتاب الصوارم، والأسنة لمحمد أبي مدين ابن الشيخ أحمد بن سليمان الشنقيطي (١٩١)، ط: العلمية، بيروت، ١٤٢٢ هـ/ ٢٠٠١ م. (٣) قال في المراقي: هو التزام مذهب الغير بلا … علم دلله الذي تأصلا