للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(والفكرة)؛ أي: التفكر في أمر الله تعالى؛ أي: مخلوقاته لأنه إذا تفكر في مصنوعات خالقه علم وجوب وجوده وكمال قدرته وحقيقة ربوبيته، فيجد في عبادته، وفي كلام المصنف رحمه الله تعالى إشارة إلى أنه لا يتفكر في ذاته لعدم قدرة العبد على إدراكها، لقوله : «تفكروا في آلاء الله ولا تفكروا في الله ﷿ (١)» .. وقال أبو الدرداء: «تفكر ساعة خير من قيام ليلة» (٢).

وحينئذ فالنظر في مخلوقات الله تعالى كما قال الشيخ: (مفتاح العبادة) والزاد إلى دار السعادة لأن التفكر يبعث على تكثير العلم، واستجلاب معرفة ليست حاصلة، فتنشط الأعضاء للمزيد من القرب.

(واستعن) على نفسك (بذكر الموت) لأن الإنسان إذا تفكر في الموت قصر أمله وكثر عمله لما في حديث أبي هريرة عن النبي قال: «أكثروا من ذكر هاذم اللذات - أحسبه قال - فإنه ما ذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسعه عليه، ولا في سعة إلا ضيقه عليه» (٣).

لا طيب للعيش ما دامت منغصة … لذاته بادكار الموت والهرم

وعن ابن عمر أن النبي سئل أي المؤمنين أكيس؟ قال: «أكثرهم للموت ذكرا، وأحسنهم لما بعده استعدادا، أولئك الأكياس» (٤)، اللهم لا عيش


(١) رواه البيهقي في الشعب، وعزاه السيوطي في الجامع الصغير (٣٣٤٨) إلى أبي الشيخ والطبراني، وقال الألباني في السلسلة الصحيحة (٤/ ٣٩٥): حديث حسن، وانظر: كتاب التفكر في إحياء علوم الدين (٤/ ٤٢٣)، ط: دار المعرفة، وباب التفكر في كتاب مختصر منهاج القاصدين (٣٨٢).
(٢) إحياء علوم الدين (٤/ ٤٢٤).
(٣) ابن حبان في صحيحه (٢٩٩٣)، قال شيخنا شعيب الأرنؤوط: إسناده حسن، والترمذي (٢٣٠٧)، والنسائي (٤/ ٤)، وفي الكبرى (١٩٦٣)، وابن ماجه (٤٢٥٨).
(٤) رواه ابن ماجه (٤٢٥٩)، وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه، وانظر: السلسلة الصحيحة (٢/ ٣٧٢)، وقال العراقي (٤/ ٤٥١): رواه ابن أبي الدنيا بكماله بإسناد جيد. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٥/ ٣١٧ - ٣١٨) روى ابن ماجه بعضه ورواه البزار ورجاله ثقات.

<<  <  ج: ص:  >  >>