وقال المحب الطبري:«إنما كانت هذه صفة المؤمن؛ لشدة خوفه من الله ومن عقوبته، لأنه على يقين من الذنب وليس على يقين من المغفرة»(١).
(ويتذكر نعمته لديه)؛ أي: عليه ﴿وما بكم من نعمة فمن الله﴾ [النحل: ٥٣] وليستعمل النعمة مطية إلى الغاية المطلوبة وهي السعادة الحقيقية في الآخرة (٢)، (ويتقرب إليه)؛ أي: إلى الله تعالى (بما تيسر له) فعله وإن قل (من نوافل الخير) كالصلاة وغيرها لما صح من قوله ﷺ عن رب العزة في الحديث القدسي: «وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطس بها، ورجله التي يمشي بها، … » الحديث (٣).
(وكل ما ضيع من فرائضه) التي أوجبها عليه كالصلاة (فليفعله الآن) وجوبا على الفور لحديث أنس ﵁ أن النبي ﷺ قال: «من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك»(٤)، وفي رواية له:«إذا رقد أحدكم عن الصلاة، أو غفل عنها، فليصلها إذا ذكرها»، فإن الله يقول: ﴿وأقم الصلوة لذكري﴾ [طه: ١٤](٥)، فإذا وجب قضاؤها على الغافل والنائم فعلى المتعمد أولى، (و) إذا فعل التائب ما ضيعه من الفرائض ف (ليرغب إلى الله تعالى في تقبله) منه قال تعالى: ﴿فإذا فرغت فانصب … وإلى ربك فأرغب﴾ [الشرح: ٧]، ﴿والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون أولئك يسرعون في الخيرات وهم لها سابقون﴾ [المؤمنون: ٦٠، ٦١]، قالت عائشة ﵂ قالت: سألت رسول الله ﷺ عن قوله ﷿: ﴿والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة﴾
(١) الفتح (١١/ ١٠٥). (٢) انظر: مختصر منهاج القاصدين لابن قدامة المقدسي، فصل بيان النعم وحقيقتها وأقسامها (ص ٢٨٦)، ط: دار الخير. (٣) أخرجه البخاري (٨/ ١٣١) (٦٥٠٢)، وانظر: شرح الحديث في الفتح (١٠/ ٤٦٢)، وجامع العلوم والحكم. (٤) البخاري (٥٧٢)، ومسلم (٦٨٤). (٥) مسلم (٦٨٤).