للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومرجع التعظيم إلى كونه إذا عرض له الريح يمسك عن القراءة حتى يتكامل خروجه، وإن تثاءب أمسك عن القراءة حتى ينتهي، ويستحب له أن يتلو القرآن على طهارة، إلا إذا كان من المصحف فإنه يتعين عليه الوضوء لما مر، وينبغي له أن يطهر فاه بالسواك ونحوه، إلى غير ذلك من الآداب المستحبة التي ذكرها أهل العلم في كتبهم (١)، و (و) كذلك كل أدب (ما) دام أنه (يوقن أن الله يرضى به ويقرب منه) كتحسين تلاوته ما استطاع إلى ذلك سبيلا فقد أجمع علماء الأمة سلفا وخلفا على استحباب تحسين الصوت بالقرآن، ودلائل ذلك كثيرة من السنة. من ذلك قوله كما في البخاري تعليقا: «حسنوا القرآن بأصواتكم، فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنا» (٢).

ويقول : «إن من أحسن الناس صوتا بالقرآن، الذي إذا سمعتموه يقرأ، حسبتموه يخشى الله» (٣). وكان يأمر بالتغني بالقرآن فيقول : «تعلموا كتاب الله، وتعاهدوه وتغنوا به، فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفلتا من المخاض في العقل» (٤)، وعند البخاري قال : «ليس منا من لم يتغن بالقرآن» (٥)، كل ذلك (مع إحضار الفهم لذلك)؛ أي: تدبر ما يتلوه القارئ لأن الله ﷿ أمر بذلك فقال: ﴿كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته، وليتذكر أولو الألباب﴾ [ص: ٢٩] فالغرض من إنزال الكتاب هو التدبر والتذكر لا مجرد


(١) انظر: التبيان في آداب حملة القرآن للإمام النووي رحمه الله تعالى.
(٢) أخرجه أحمد (٤/ ٢٨٣)، وأبو داود (١٤٦٨) والنسائي (٢/ ١٧٩)، وابن ماجه (١٣٤٢).
(٣) أخرجه ابن ماجه (١٣٣٩)، والآجري في أخلاق حملة القرآن (٩٠)، وصححه الألباني.
(٤) أخرجه أحمد (٤/ ١٤٦) (١٧٤٥٠)، والدارمي (٣٣٤٨)، والنسائي في الكبرى (٧٩٨٠)، وإسناده صحيح، قال السندي: قوله: «وتعاهدوه»، أي: حافظوا عليه بالتكرار والمداومة على تلاوته. وتغنوا به؛ أي: اقرؤوه بأحسن صوت. «تفلتا»: تخلصا وفرارا من الصدور. «في العقل»: جمع عقال. اه. والمخاض: الحوامل من النوق.
(٥) أخرجه البخاري (٧٥٢٧)، وأخرجه أبو داود (١٤٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>