للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: الأصوات المطربة (كترجيع الغناء) بالمد؛ أي: المشبهة بالغناء لحديث حذيفة أن النبي قال: «اقرؤوا القرآن بلحون العرب وأصواتها، وإياكم ولحون أهل الفسق؛ فإنه سيجيء من بعدي قوم يرجعون القرآن ترجيع الغناء والرهبانية والنوح، لا يجاوز حناجرهم، مفتونة قلوبهم وقلوب الذين يعجبهم شأنهم» (١).

قال النووي رحمه الله تعالى: وأما قراءة بالألحان فقد قال الشافعي رحمه الله تعالى في موضع أكرهها، قال أصحابنا: ليست على قولين بل فيه تفصيل، إن أفرط في التمطيط، فجاوز الحد، فهو الذي كرهه، وإن لم يجاوز، فهو الذي لم يكرهه، وقال أقضى القضاة الماوردي: - عن الإفراط - أنه حرام، يفسق به القارئ، ويأثم به المستمع، لأنه عدل عن نهجه القويم إلى الاعوجاج والله تعالى يقول: ﴿قرآنا عربيا غير ذي عوج﴾ [الزمر: ٢٨]. اهـ (٢).

قلت: أما عندنا ما يسمى بقراءة القرآن على وجه يسمونه «الشرقي» فهو عين التحريف والاعوجاج، وفاعله لا ينجو من الإثم لما رأيناه من القراء، من التمطيط والقطع للمدود الواجبة الاتصال، وما يرافق ذلك من بعض السفهاء من التصفيق أحيانا والطرب لمن كان له في المد الطويل صوت جميل وهلم جرا مما دخل على القراء من حب المفاخرة والرياء لا سيما أمام العامة الجهال الذين يطربون لهذه الأفعال فإلى الله المشتكى.

(وليجل)؛ أي: يعظم وينزه (كتاب الله العزيز أن يتلى)؛ أي: يقرأ (إلا بسكينة ووقار)؛ أي: طمأنينة وتعظيم واستحضار قلب وبعد عن الغفلة، فمرجع الطمأنينة إلى سكون الجوارح بحيث لا يعبث بيده، ولا ينظر إلى ما يلهي.


(١) كما في المجمع (٧/ ٣٥١)، وقال: رواه الطبراني في الأوسط وفيه راو لم يسم وبقية أيضا، والبيهقي في الشعب (٢/ ٥٤٠)، وأبو نعيم في الحلية عنه وأبو أحمد الحاكم في الكنى بسند ضعيف، وانظر: الإتقان في علوم القرآن للسيوطي (١/ ٢٨٦).
(٢) التبيان في آداب حملة القرآن (٩٥) بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>