للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التلاوة على عظم أجرها، قال الحسن البصري رحمه الله تعالى: «والله! ما تدبره بحفظ حروفه وإضاعة حدوده حتى إن أحدهم ليقول: قرأت القرآن كله، ما يرى له القرآن في خلق ولا عمل» (١)، قال تعالى: ﴿أفلا يتدبرون القرآن﴾ [النساء: ٨٢].

وإن من تعظيم القرآن تعظيم المصحف الشريف الذي هو من حرمات الله التي من عظمها علا شأنه، وثبت أجره، وازداد قلبه تقى، وفعله خير له قال تعالى: ﴿ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه﴾ [الحج: ٣٠]، فلا يجوز مسه بلا طهارة، ولا وضعه في مكان دني، ولو كان ذلك المكان وجه الأرض، فالقرآن يعلو ولا يعلى عليه حسا ومعنى، بل ينبغي عليه أن يرفعه ويكرمه على وسادة ونحوها مما يتيسر به إكرامه واحترامه، ولا يكن كأولئك السفهاء الذين إن قيل: ارفعوا المصحف عن الأرض قالوا: لا يضره في حين يأبى أحدهم أن يترك اسمه على ورقة مرميا على وجه الأرض، كيف وقد ثبت عن النبي تعظيم الكتب المنزلة على من قبله حتى مع تحريفها لما فيها من حق، والقرآن أجلها وأعظمها فقد روى أبو داود في «سننه» (٢) عن هشام بن سعد أن زيد بن أسلم حدثه عن ابن عمر قال: أتى نفر من يهود فدعوا رسول الله إلى القف (٣) فأتاهم في بيت المدراس (٤) فقالوا: يا أبا القاسم إن رجلا منا زنى بامرأة فاحكم بينهم فوضعوا لرسول الله وسادة فجلس عليها ثم قال بالتوراة، فأتي بها، فنزع الوسادة من تحته فوضع التوراة عليها ثم قال: «آمنت بك وبمن أنزلك، ثم قال: ائتوني بأعلمكم فأتي بفتى شاب» وأصله في الصحيح في قضية الرجم (٥)، قال في «عون المعبود»: (ووضع


(١) تفسير ابن كثير (٧/ ٦٤)، ط: طيبة.
(٢) قال الألباني: قلت: وإسناده حسن. وله شاهد من حديث ابن عباس .
(٣) بضم القاف وتشديد الفاء اسم واد بالمدينة
(٤) (فأتاهم في بيت المدراس): قال في النهاية: هو البيت الذي يدرسون فيه، ومفعال غريب في المكان اه.
(٥) قال الألباني: وقصة الرجم، هي عند البخاري (١/ ٣٣٤ و ٤/ ٤٣٤) في رواية أخرى مختصرا. وهي عند الترمذي (١/ ٢٧١)، وابن ماجه (٢٥٥٦)، وابن الجارود (٨٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>