(وهو مشتق من الوضاءة) وهي الحسن. قال زروق: وهذا في الظاهر بإزالة الأوساخ، وفي الباطن بتكفير الذنوب، ولما خشي أن يتوهم من قوله: فريضة فرضية جميع أجزائه استثنى ما ليس له هذا الحكم، فقال:(إلا المضمضة والاستنشاق ومسح الأذنين منه فإن ذلك سنة)؛ أي: كل واحد فالإشارة تعود إلى المذكور لأن النبي ﷺ قال الأعرابي كما في الحديث الصحيح: ﴿توضأ كما أمرك الله﴾ (١) ولم يأمر الله بالمضمضة والاستنشاق ومسح الأذنين، وحديث ابن عباس لة قال: قال رسول الله ﷺ: «المضمضة والاستنشاق سنة»(٢).
(والسواك)(٣) في الوضوء؛ بمعنى: الاستياك (مستحب مرغب فيه)؛ أي: مؤكد في طلبه والأحاديث فيه متواترة منها حديث أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ أنه قال: «لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة»(٤)، وفي مسلم من حديث ابن عباس ﵄ أن النبي ﷺ:«يستاك فيتوضأ». قال الشافعي (٥): «وفي هذا دليل على أن السواك ليس بواجب وأنه اختيار ولو كان واجبا لأمرهم به شق أو لم يشق».
(والمسح على الخفين رخصة)؛ أي: ذو رخصة وهي لغة التخفيف، وشرعا: إباحة الشيء الممنوع مع قيام السبب المانع، ويقابلها العزيمة وهي الحكم المشروع أولا، قال في «المراقي»:
(١) جزء من حديث أخرجه الترمذي من حديث رفاعة بن رافع (٣٠٢)، وأبو داود (٨٦١)، وقال أبو عيسى: حديث رفاعة بن رافع حديث حسن. وقال الحافظ في الفتح (١/ ٢٦٢): حسنه الترمذي وصححه الحاكم .. (٢) سنن الدارقطني (٨) (١/ ٨٥)، وانظر: التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير لابن حجر (١/ ٢٦٠). (٣) السواك: عود الآراك، ويطلق على المصدر، وهو مأخوذ من تساوكت الإبل إذا اضطربت أعناقها من الهزال. وقال ابن دريد: سكت الشيء أسوكه سوكا من باب قال، إذا دلكته ومنه اشتقاق السواك. وانظر: في فضائل السواك وآدابه «كتاب السواك وما أشبه ذاك» للإمام الحافظ أبي شامة شهاب الدين المقدسي. مطبوع. (٤) الموطأ (١/ ١٩٣)، والبخاري (٨٧٨)، ومسلم (٥٨٨)، وأبو داود (٤٦)، وغيرهم. (٥) سنن البيهقي (١/ ٥٧).