للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: حضرت رسول الله أتي بمثل هذا: «فأمر البائع أن يستحلف، ثم يختار المبتاع، فإن شاء أخذ، وإن شاء ترك» (١).

وروى إسماعيل القاضي بسنده عن أبي الزناد عن الفقهاء الذين ينتهى إلى قولهم من أهل المدينة كانوا يقولون: «إذا تبايع الرجلان بالبيع واختلفا في الثمن احتلفا جميعا (أي: طلب منهما أن يحلفا)، فأيهما نكل لزمه القضاء فإن حلفا جميعا كان القول ما قال البائع، وخير المبتاع، إن شاء أخذ بذلك الثمن، وإن شاء ترك» (٢). وللحديث الصحيح: «لو أن الناس أعطوا بدعواهم ادعى ناس من الناس دماء ناس وأموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه». وقد تقدم، والمختلفان كل منهما مدع ومدعى عليه، فالبائع مدع أنه باع بعشرة ومدعى عليه أنه باع بخمسة، والمشتري مدع أنه اشترى بخمسة ومدعى عليه أنه اشترى بعشرة فتوجه اليمين إلى كل منهما.

(وإذا اختلف المتداعيان في شيء بأيديهما) كل منهما يدعيه لنفسه، ولم يقم لواحد منهما دليل على صدقه ولا بينة، ولم ينازعهما فيه أحد، وهو مما يشبه أن يكتسبه كل واحد منهما (حلفا وقسم بينهما) لأنهما تساويا في الدعوى ولم يترجح أحدهما على الآخر، ومن نكل عن اليمين سقط حقه للذي حلف. لحديث أبي هريرة أن رسول الله «عرض على قوم اليمين، فتسارعوا إليه، فأمر أن يسهم بينهم في اليمين، أيهم يحلف؟» (٣) .. ولحديث أبي موسى الأشعري به «أن رسول الله اختصم إليه رجلان، بينهما دابة، وليس لواحد منهما بينة، فجعلها بينهما نصفين» (٤).

(وإن أقاما بينتين)؛ أي: أقام كل بينة تشهد له، وكانت إحداهما


(١) أخرجه أبو داود (٣٥١١)، والنسائي (٧/ ٣٠٢)، والبيهقي (١١١٢٢)، وصححه الألباني.
(٢) السنن الكبرى للبيهقي (١١١٢٩).
(٣) البخاري (٣/ ٢٣٤).
(٤) أبو داود (٣٦١٣) وفي (٣٦١٤)، والنسائي (٨/ ٢٤٨)، وابن ماجه (٢٣٣٠)، وضعفه الألباني.

<<  <  ج: ص:  >  >>