بكر الصديق ﵁ فشكا إليه أن عامل اليمن قد ظلمه، فكان يصلي من الليل، فيقول أبو بكر ﵁:«وأبيك ما ليلك بليل سارق»، ثم إنهم فقدوا عقدا لأسماء بنت عميس امرأة أبي بكر الصديق ﵁ فجعل الرجل يطوف معهم ويقول: اللهم عليك بمن بيت (١) أهل هذا البيت الصالح، فوجدوا الحلي عند صائغ زعم أن الأقطع جاءه به، فاعترف به الأقطع، أو شهد عليه به، فأمر به أبو بكر الصديق ﵁ فقطعت يده اليسرى وقال أبو بكر ﵁:«الدعاؤه على نفسه أشد عندي عليه من سرقته»(٢).
(ثم إن سرق) في الخامسة (جلد وسجن) ولعل الحبس لظهور توبته أو موته.
(ومن أقر بسرقة قطع) ويكفي في الإقرار مرة واحدة. لما سبق من أن إقرار المرء على نفسه أقوى شيء في الثبوت وإقامة الحجة وعلى ذلك كان يقيم النبي ﷺ الحدود، ولحديث أبي أمية المخزومي أن رسول الله ﷺ أتى بلص فاعترف اعترافا ولم يوجد معه المتاع فقال له رسول الله ﷺ:«ما إخالك سرقت»، قال: بلى، فأعاد عليه مرتين أو ثلاثا، فأمر به فقطع، وجيء به، فقال:«استغفر الله وتب إليه» فقال: أستغفر الله وأتوب إليه، فقال:«اللهم تب عليه ثلاثا»(٣).
وحديث أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ أتى بسارق قد سرق شملة فقالوا: يا رسول الله إن هذا قد سرق فقال رسول الله ﷺ: «ما إخاله سرق» فقال السارق: بلى يا رسول الله فقال: «اذهبوا به فاقطعوه ثم احسموه ثم ائتوني به» فذهبوا به فقطعوه ثم حسموه ثم أتوه به، فقال:«تب إلى الله»، فقال: قد تبت إلى الله، قال:«اللهم تب عليه»(٤).
(١) أي: جاءهم بالبيات (يعني: الليل). (٢) الموطأ (١٥٢٦)، وانظر: شرح الزرقاني (٤/ ١٩٤). (٣) أبو داود (٤٣٨٠)، والنسائي (٨/ ٦٧)، وفي «الكبرى» (٧٣٢٢)، وابن ماجه (٢٥٩٧). (٤) أخرجه أبو داود في المراسيل (٢٤٤)، والدارقطني (٧١)، (٣/ ٧١)، والبيهقي =