لأنهما لا يقاد من عمدهما) والأول هو المشهور (وكذلك ما بلغ ثلث الدية مما لا يقاد منه ففيه الخلاف المذكور لأنه متلف)؛ أي: لا يقاد منه لخوف تلف النفس.
(ولا تعقل العاقلة من قتل نفسه عمدا أو خطأ) وهو هدر لا شيء فيه لقوله تعالى: ﴿ومن قتل مؤمنا خطئا﴾ [النساء: ٩٢] الآية، فأوجب الدية على من قتل غيره فدل على أنها لا تجب بقتل الإنسان نفسه. وهو رأي أهل الفقه بالمدينة كما قال مالك في «الموطأ»(١)، واستدل البيهقي بما رواه البخاري (٢) من حديث سلمة بن الأكوع ﵁ قال: لما كان يوم خيبر قاتل أخي قتالا شديدا مع رسول الله ﷺ، فارتد عليه سيفه فقتله، فقال أصحاب رسول الله ﷺ في ذلك، وشكوا فيه رجل مات في سلاحه، وشكوا في بعض أمره، قال سلمة: فقفل رسول الله ﷺ من خيبر، … قلت: إن ناسا يهابون الصلاة عليه، فقال رسول الله ﷺ:«كذبوا مات جاهدا مجاهدا، فله أجره مرتين»(٣)، وبما رواه أبو داود عن رجل من أصحاب النبي ﷺ قال: أغرنا على حي من جهينة فطلب رجل من المسلمين رجلا منهم فضربه، فأخطأه وأصاب نفسه بالسيف، فقال رسول الله ﷺ:«أخوكم يا معشر المسلمين» فابتدره الناس فوجدوه قد مات، فلفه رسول الله ﷺ بثيابه ودمائه وصلى عليه ودفنه، فقالوا: يا رسول الله، أشهيد هو؟، قال:«نعم وأنا له شهيد»(٤) ولعل وجه الاستدلال من الحديث أن النبي ﷺ لم يأمر العاقلة بالدية.
(وتعاقل)؛ أي: تساوي (المرأة) الرجل من أهل ديتها (إلى ثلث دية
(١) شرح الزرقاني (٤/ ٢٣٨). (٢) رواه البخاري (٤١٩٦)، ومسلم (٤٧٧٠)، وأبو داود (٢٥٣٨)، والبيهقي عن الشيخين في السنن الكبرى للبيهقي (٨/ ١١٠). (٣) أبو داود (٢٥٤٠). (٤) أبو داود (٢٥٤١).