للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فدية العمد ناقصة عن دية الخطإ بالنسبة إلى الأنواع، وإن كانت في العدد واحدة.

(وإنما تغلظ الدية في الأب يرمي ابنه بحديدة) ونحوها غير قاصد بذلك قتله (فيقتله فلا يقتل به) لحرمة الأبوة، لأن رحمة الأبوة وشفقتها لا تتهم بالعمد في إزهاق فلذة الكبد، لما رواه مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب: «أن رجلا من بني مدلج يقال له قتادة، حذف ابنه بالسيف، فأصاب ساقه، فنزي في جرحه فمات، فقدم سراقة بن جعشم على عمر بن الخطاب، فذكر ذلك له، فقال له عمر: اعدد، على ماء قديد، عشرين ومائة بعير. حتى أقدم عليك. فلما قدم إليه عمر أخذ من تلك الإبل ثلاثين حقة، وثلاثين جذعة، وأربعين خلفة. ثم قال: أين أخو المقتول؟ قال: ها أنذا، فقال: خذها. فإن رسول الله قال: ليس لقاتل شيء» (١) وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن قتادة بن عبد الله كانت له أمة ترعى غنمه فبعثها يوما ترعاها فقال له ابنه منها: حتى متى تستأمي أمي (٢)؟، والله لا تستأميها أكثر مما استأميتها، فأصاب عرقوبه فطعن في خاصرته فمات، قال: فذكر ذلك سراقة بن مالك بن جعشم لعمر فذكر نحوه، وفي آخره وقال: «لولا أني سمعت رسول الله يقول: «لا يقاد والد بولد»، لقتلتك أو لضربت عنقك» (٣) أما إذا كان ثمت قرينة تدل على أنه أراد قتله حقيقة فإنه يقتل به على المشهور (٤).

(و) اختلف فيمن تكون عليه الدية على أقوال مشهورها أنها (تكون عليه)؛ أي: على القاتل أبا أو غيره حالة غير مؤجلة، فإن كان له مال وقتئذ


(١) الموطأ (١٥٥٧)، وشرح الزرقاني (٤/ ٢٤١).
(٢) تستأمي أمي: تبقيها أمة وتعاملها معاملة الإماء.
(٣) أخرجه الترمذي (٤/ ١٨)، كتاب الديات: باب ما جاء في الرجل يقتل ابنه يقاد منه أم لا، حديث (١٤٠٠)، وابن ماجه (٢/ ٨٨٨)، كتاب الديات: باب لا يقتل الوالد بولده، حديث (٢٦٦٢)، قال الألباني: صحيح لغيره، الإرواء (٧/ ٢٩٦).
(٤) انظر: المسالك لابن العربي (٧/ ٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>