يجوز العفو فيه أو لا عفو فيه نافذ، ولو كان المقتول كافرا والقاتل حرا مسلما لأن قتله على هذا الوجه في معنى المحاربة، والمحارب بالقتل يجب قتله ولو بعبد وكافر، وإنما لم يجز العفو فيها لأنها حق الله تعالى، وعلى هذا فهو مقتول حدا لا قودا، لما رواه مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب ﵁ قتل نفرا خمسة أو سبعة برجل واحد قتلوه قتل غيلة، وقال عمر:«لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعا»(١).
(وللرجل العفو عن دمه)؛ أي: عن دم نفسه (العمد) إذا عفا بعد ما وجب له الدم مثل أن يعفو بعد إنفاذ مقاتله، ولا كلام للأولياء إذا. ولقول مالك في «الموطأ»: إنه أدرك من يرضى من أهل العلم يقولون في الرجل إذا أوصى أن يعفى عن قاتله إذا قتل عمدا، أن ذلك جائز له، وأنه أولى بدمه من غيره من أوليائه من بعده (٢)، (إن لم يكن قتل غيلة) لما تقدم من دليل إن قتل الغيلة لا عفو فيه، (وعفوه)؛ أي: الرجل المقتول (عن) دم نفسه (الخطأ) كائن (في ثلثه) لأن الدية مال من أمواله، فللورثة أن يمنعوه من الزائد على الثلث لأنه في هذه الحالة محجور عليه (وإن عفا أحد البنين) بعد ثبوت الدم وكان بالغا (فلا قتل)، لأن الدم لما لم يتبعض كان سقوط بعضه يوجب سقوط جميعه، وإذا ثبت سقوط القتل بعفو بعض البنين، سقط نصيبه وحده.
(و) يثبت (لمن بقي) من البنين (نصيبهم من الدية، ولا عفو للبنات مع البنين)؛ أي: ولا للأخوات مع الإخوة، وإنما العفو والاستيفاء للعاصب دون من معه من الإناث المتساويات لأن ولاية الدم مستحقة بالنصرة وليس
(١) شرح الزرقاني على الموطأ (٤/ ٢٤٨)، ما جاء في الغيلة والسحر. وأخرجه البخاري تعليقا في الديات (٢١) عن ابن عمر. قال الحافظ في الفتح: وهذا الأثر موصول إلى عمر بأصح إسناد، وقد أخرجه ابن أبي شيبة - من وجه آخر عن نافع ولفظه: أن عمر قتل سبعة من أهل صنعاء برجل .. إلخ، ثم ذكر الحافظ رواية الموطأ التي بعد هذه، وقال: ورواية نافع أوصل وأوضح، الفتح (١٢/ ٢٢٧) باب إذا أصاب قوم من رجل هل يعاقب أو يقتص منهم كلهم. (٢) شرح الزرقاني (٤/ ٢٥٣).