للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشهور، ردعا لهم وزجرا لعل المبطل يرجع للحق، لحديث ابن عباس في قصة هلال بن أمية في اللعان: «وفيه فأرسل إليهما فجاءا فقام هلال فشهد ثم قامت فشهدت … الحديث» (١)، وظاهر كلامه أنه لا يغلظ عليهم بالزمان وإنما يغلظ عليهم بالمكان، وإليه أشار بقوله:

(ويجلب) الحالف (إلى مكة) المشرفة (وإلى المدينة) على ساكنها أفضل الصلاة والسلام (و) إلى (بيت المقدس أهل أعمالها) نائب فاعل يجلب؛ والمعنى: أنه يجلب لهذه الأماكن المشرفة أهل طاعة هذه الأماكن للقسامة تغليظا عليهم، ولو كان بينه وبين هذه الأماكن زمن طويل نحو عشرة أيام لأنه أردع للكاذب لشرفها، لورود السنة بذلك كتعظيم اليمين عند منبر النبي وبعد العصر كما في «الصحيح» وغيره (٢)، وفي حديث أبي هريرة أيضا أن النبي قال: «لا يحلف أحد عند منبري هذا، على يمين آثمة، ولو على سواك أخضر، إلا تبوأ مقعده من النار - أو وجبت له النار» (٣)، وثبت أن عمر جلب المدعى عليهم في القسامة من اليمن إلى مكة ومن الكوفة إلى مكة ليحلفوا فيها (٤)، فإن من كان في المدينة لا يجلب إلى مكة لأن الكل حرم الله، وفي «الموطأ» من حديث جابر بن عبد الله أن رسول الله قال: «من حلف على منبري آثما تبوأ مقعده من النار» (٥).

(ولا يجلب في غيرها)؛ أي: إلى غير هذه الأماكن الثلاثة (إلا من الأميال اليسيرة)؛ أي: إلا أن يكون الجلب من الأميال اليسيرة، وحدها بعضهم بثلاثة وبعضهم بعشرة. (ولا قسامة في جرح)؛ يعني: إذا جرح


(١) أخرجه أحمد (٣/ ١٤٢) (١٢٤٧٧)، والبخاري (٢٥٢٦)، ومسلم (٣٧٥٠).
(٢) البخاري (٢٣٥٨)، ومسلم (٢١٢)، وأبو داود (٣٤٧٤).
(٣) أبو داود (٣٢٤٦)، وابن ماجه (٢/ ٧٧٩)، كتاب الأحكام: باب اليمين عند مقاطع الحقوق، حديث ٢٣٢٦، من حديث أبي هريرة. قال البوصيري في الزوائد: هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، وله شاهد من حديث جابر رواه أبو داود والنسائي، وابن ماجه، ينظر: مصباح الزجاجة (٢/ ٢١٥).
(٤) التمهيد (٢٢/ ١٨).
(٥) أخرجه مالك في «الموطأ» (٤٥٣)، وشرح الزرقاني (٤/ ٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>