٢ - والثاني: ما لا يجوز التقاطه، وهي الأشياء التي تمنع نفسها من صغار السباع لعدوها، كالظباء، أو بقوتها وتحملها، كالإبل، والبقر ونحو ذلك. فهذا يحرم التقاطه كما سيأتي دليله.
٣ - والنوع الثالث: ما عدا ذلك، فهذا هو الذي يشرع التقاطه بقصد الحفظ لصاحبه، فإن التقطه بنية التملك حرم، وعليه ضمانه إن تلف.
والتعريف يكون (بموضع يرجو التعريف بها) لأن المقصود لا يحصل إلا بذلك، ولما رواه مالك عن أيوب بن موسى عن معاوية بن عبد الله بن بدر الجهني أن أباه أخبره أنه نزل منزل قوم بطريق الشام فوجد صرة فيها ثمانون دينارا، فذكرها لعمر بن الخطاب فقال له عمر:«عرفها على أبواب المساجد، واذكرها لكل من يأتي من الشام سنة، فإذا مشت السنة فشأنك بها»(٢)، وكذلك يعرفها في المحافل والأسواق، وفي مكان وجدانها، لأنه مكان بحث صاحبها، ويبلغ الجهات المسؤولة عنها، كدوائر الشرطة، وفي زمننا يمكن أن يكون نشدانها في الصحف والإذاعات والتلفاز، إذا كانت لقطة خطيرة. وإذا عرفها لا يذكر جنسها بل يذكرها بأمر عام بأن يقول: من ضاع له شيء من نوع كذا. (فإن تمت سنة ولم يأت لها أحد، فإن شاء حبسها، وإن شاء تصدق بها) عن نفسه أو عن ربه لقول النبي ﷺ: «وإلا فشأنك بها»(٣) لأن هذه كلمة معناها التخيير، وكذلك له أن يستنفقها كما في حديث أبي بن كعب كما سيأتي. (و) إذا تصدق بها (ضمنها لربها إن جاء) وإن وجدها ربها قائمة أخذها. وإن انتفع الملتقط (بها)؛ أي: باللقطة (ضمنها) إن تلفت، وأما كونه يضمنها إن جاء فلقول النبي ﷺ:«فإن جاء صاحبها، فلا يكتم، وهو أحق بها، وإن لم يجئ صاحبها، فإنه مال الله يؤتيه من يشاء»(٤)، وقوله ﷺ: «فإن
(١) أبو داود (١٧١٧). (٢) الموطأ (١٤٤٥)، انظر: شرح الزرقاني (٤/ ٦٧). (٣) الحديث المتقدم زيد بن خالد الجهني به. (٤) أحمد (١٧٤٨١)، وإسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير =