مالك في «الموطأ» أن عمر بن الخطاب قال: من وهب هبة لصلة رحم، أو على وجه صدقة. فإنه لا يرجع فيها، ومن وهب هبة يرى أنه إنما أراد بها الثواب فهو على هبته. يرجع فيها، إذا لم يرض منها (١)، أما منعه الرجوع في الصدقة والهبة للفقير، فإنهما خرجتا عن ملكه على طريق الثواب وابتغاء وجه الله تعالى، ورواه أصحاب السنن، عن ابن عمر، وابن عباس ﵃ عن النبي ﷺ أنه قال:«لا يحل للرجل أن يعطي العطية ثم يرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطي ولده»(٢)، وهذا في العطية للولد.
(و) أما (من تصدق على ولده فلا رجوع له) مستغنى عنه بما قبله (وله أن يعتصر ما وهب لولده)؛ أي: لا لصلة الرحم، ولا لفقره، ولا لقصد ثواب الآخرة، بل وهبه لوجهه، ولا فرق بين أن يكون الولد ذكرا أو أنثى غنيا أو فقيرا للحديث السابق وفيه:«إلا الوالد فيما يعطي ولده»، وحديث عمرو بن شعيب أبيه عن جده قال: قال رسول الله ﷺ: «لا يرجع في هبته إلا الوالد من ولده، والعائد في هبته كالعائد في قيئه»(٣) وسواء في ذلك (الصغير والكبير ما لم ينكح لذلك)؛ أي: للهبة، (أو يداين) لها (أو يحدث في الهبة حدثا) مثل أن يهبه حديدا فيصنعه آنية، وذلك للعمل ذكره مالك في «الموطأ» فقال: الأمر المجتمع عليه عندنا فيمن نحل ولده نحلا أو أعطاه عطاء ليس بصدقة أن له أن يعتصر ما لم يستحدث الولد دينا يداينه الناس به، ويأمنون عليه من أجل ذلك العطاء الذي أعطاه أبوه فليس لأبيه أن يعتصر من ذلك شيئا بعد أن تكون عليه
= قيئه» أخرجه أحمد رقم (٢١١٩) بسند صحيح، وأصحاب «السنن»، وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم من حديث ابن عمر وابن عباس مرفوعا، وهو مخرج في «الإرواء» تحت الحديث رقم (١٦٢٢). (١) شرح الزرقاني (١/ ٥٣٦). (٢) صحيح، رواه أبو داود (٣٥٣٩)، والترمذي وقال: حديث حسن صحيح (٢١٣٢)، والنسائي (٦/ ٢٦٥)، وابن ماجه (٢٣٧٧). (٣) أحمد (٦٧٠٥)، ورواه النسائي في «الكبرى» (٦٥١٧)، وابن ماجه (٢٣٨٧) مختصر والبيهقي (١٢٣٧١) وحسنه الألباني، وأصله في الصحيحين.