وأما السنة، فكثيرة جدا، ومنها عن أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ:«من أعتق رقبة مسلمة، أعتق الله بكل عضو منه عضوا من النار، حتى فرجه بفرجه»(١). وفي لفظ أعتق الله بكل عضو منها عضوا منه من النار حتى فرجه بفرجه. وهو من أعظم القربات، وقد أجمعت الأمة على صحة العتق وحصول القربة به.
وله ثلاثة أركان أولها: المعتق بكسر التاء: وهو البالغ العاقل الذي لا حجر عليه ولم يحط الدين بماله.
(ولا يجوز عتق الصبي ولا المجنون ولا المحجور عليه ولا من أحاط الدين بماله كان الدين حالا أو مؤجلا لأنه حينئذ تصرف في ملك الغير، فكأنه يعتق مال الغرماء، وللعمل حكاه مالك في «الموطأ» فقال: «الأمر المجتمع عليه عندنا أنه لا تجوز عتاقة رجل وعليه دين يحيط بماله، وأنه لا تجوز عتاقة الغلام حتى يحتلم أو يبلغ مبلغ المحتلم، وأنه لا يجوز عتاقة المولى عليه في ماله، وإن بلغ الحلم حتى يلي ماله» (٢) اه.
ثانيها: المعتق بفتح التاء وهو كل رقيق قن أو من فيه شائبة من شوائب الحرية كالمدبر (٣). وثالثها: الصيغة وهي كل ما دل وضعا على رفع الملك كأنت حر.
وإن لم يكن موسرا - بحيث لا يملك قيمة نصيب صاحبه فلا إضرار على صاحبه، فيعتق نصيبه فقط، ويبقى نصيب شريكه رقيقا كما كان، وإلى ذلك أشار المصنف بقوله:(ومن أعتق بعض عبده) كالربع أو الثلث أو
(١) وأخرجه أحمد (٤/ ١١٣) (١٧١٤٩)، والبخاري (٢٣٨١، ٦٣٣٧)، واللفظ له، ومسلم (٣٨٧٠)، والنسائي في «الكبرى» (٤٨٦٨). (٢) شرح الزرقاني على الموطأ (٤/ ١٠٥). (٣) وقد ذكرنا أنواع الرق في باب الفرائض والمواريث فلينظر هناك.