ويعتبر ثلث مال الميت يوم موته لا يوم الوصية، على ما في ابن الحاجب. وتعقبه ابن عبد السلام: أنه خلاف المذهب، فإن المعتبر على المذهب في الوصية أن تخرج من الثلث يوم الوصية لا يوم الموت، حتى لو كانت الوصية يسعها الثلث يوم الموت فطرأ على المال جائحة أذهبت بعضه فصار لا يسعها ثلث ما بقي، كان حكمها يوم القسمة حكم من أوصى بأكثر من الثلث، ولا أعلم في ذلك خلافا في المذهب. اه (١).
ثم انتقل يتكلم على ما يبدأ بإخراجه من الثلث فقال:(والعتق بعينه) سواء كان في ملكه أو ملك غيره، مثل أن يقول: اشتروا عبد فلان وأعتقوه (مبدأ عليها)؛ أي: على الوصايا بالمال وإنما قيدناه بهذا لأن الزكاة والكفارات إذا أوصى بها الميت مبدأة على العتق؛ أي: على الوصية بالعتق لأن الكلام ليس في تنجيز العتق، إنما هو في الوصية به فالزكاة والكفارة مبدأتان على الوصية بالعتق بصوره المذكورة لما رواه ابن وهب عن حيوة بن شريح قال: حدثني السكن بن أبي كريمة أنه سأل يحيى بن سعيد الأنصاري عن رجل يوصي بوصية كثيرة وعتاقة أكثر من الثلث، قال يحيى: بلغنا أن رسول الله ﷺ أمر أن يبدأ بالعتاقة قال: وقد صنع ذلك أبو بكر وعمر ﵄، وروى عن سفيان الثوري عن رجل حدثه عن نافع عن عبد الله بن عمر ﵄ أنه قال:«إذا أوصى رجل بوصايا وبعتاقة بدئ بالعتاقه، وأما تقييده بمعين، فلأن المعين أكد في الشرع من غيره بدليل نفوذه في ملك الغير»(٢).
= رقم (١٣٧٠). قلت: وسبب النكارة هذه الزيادة: «إلا أن يشاء الورثة»، فقد ورد الحديث عن جماعة من الصحابة دون هذه الزيادة فلم ترد إلا بهذا الإسناد الضعيف. بل الحديث جاء عن ابن عباس نفسه بسند حسن. رواه الدارقطني (٤/ ٩٨) بدون هذه الزيادة، بل وحسن الحافظ نفسه إسناده من الطريق التي ليست فيها الزيادة فقال في «التلخيص» (٣/ ٦٢) رقم (١٣٦٩) أثناء تخريجه لحديث: «لا وصية لوارث»: «رواه الدارقطني من حديث ابن عباس بسند حسن». ومن راجع «التلخيص» عرف صواب صنيع الحافظ هناك، وأيضا عرف وهمه هنا حمله». والله أعلم. (١) التوضيح على جامع الأمهات (٨/ ٤٧٢ - ٤٧٣). (٢) المدونة (٨/ ١٥/ ٤٣).