للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصية لوارث» (١).

وانظر هل أراد بقوله: (والوصايا خارجة من الثلث) أن مصرفها إنما هو في الثلث، أو إنما أراد لا يجوز للموصي أن يوصي إلا بالثلث فأقل، لحديث سعد بن أبي وقاص قال: جاءني رسول الله يعودني - عام حجة الوداع - من وجع اشتد بي فقلت: يا رسول الله، قد بلغ بي من الوجع ما ترى، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: «لا» قلت: فالشطر يا رسول الله؟ قال: «لا» قلت: فالثلت؟ قال: «الثلث والثلث كثير. إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تتركهم عالة يتكففون الناس، وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها، حتى ما تجعل في في امرأتك» (٢)، وحديث أبي الدرداء عن النبي قال: «إن الله تصدق عليكم، عند وفاتكم، بثلث أموالكم، زيادة لكم في أعمالكم» (٣).

(ويرد ما زاد عليه)؛ أي: على الثلث ولو كانت الزيادة يسيرة لأن النبي منع سعدا من ذلك كما تقدم (إلا أن يجيزه الورثة) ما داموا عاقلين، قال أبو عمر رحمه الله تعالى: أما وصية الصغير إذا كان يعقل ما أوصى به، ولم يأت بمنكر من القول والفعل، فوصيته جائزة ماضية عند مالك والليث وأصحابهما ولا حد عندهم في صغره عشر سنين ولا غيرها، إذا كان ممن يفهم ما يأتي به في ذلك وأصاب وجه الوصية (٤)، لأنها تكون عطية منهم لانتقال الحق إليهم ففي حديث ابن عباس بلفظ: «لا وصية لوارث إلا أن يشاء الورثة» (٥).


(١) أخرجه ابن ماجه (٢٧١٤).
(٢) أخرجه مالك في «الموطأ» (٢٢١٩) عن ابن شهاب، والبخاري (١/ ٢٢) (٥٦)، ومسلم (٥/ ٧١) (٤٢١٨).
(٣) أخرجه أحمد (٦/ ٤٤٠) (٢٨٠٣٠)، وابن ماجه (٢٨١٣)، والدارقطني (٤/ ١٥٠)، وحسنه الألباني، انظر: حديث رقم (١٧٣٣) في صحيح الجامع.
(٤) الاستذكار (٧/ ٢٧٠).
(٥) حسنه الحافظ في البلوغ (٨٢٠) وقال المحقق: عصام موسى هادي: منكر، رواه الدارقطني (٤/ ٩٨ و ١٥٢) بسند ضعيف، بل أعله الحافظ نفسه في التلخيص (٣/ ٦٢) =

<<  <  ج: ص:  >  >>