وعشرا﴾ [البقرة: ٢٣٤]، قال ابن العربي:«أفادت الآية وجوب التربص، وأفادت السنة الإحداد، وهي هيئة التربص»(١)، وذلك ألا تقرب (شيئا من الزينة) ظاهرة كبيرة كانت أو صغيرة، حرة أو أمة، مسلمة أو كتابية، لأنه حق الله تعالى، فلزم الجميع، والاستبراء يقع بحيضة واحدة، فلما كان حقا لله تعالى لزم الصغيرة التي لم تحض.
وثانيها: ما أشار إليه بقوله: (أو كحل) ظاهره ولو كان لضرورة، وهو قول ابن عبد الحكم، والذي في المدونة ولا تكتحل إلا من ضرورة. وثالثها: إزالة الشعث عن نفسها وإليه أشار بقوله: (أو غيره) فلا تدخل الحمام إلا من ضرورة ولا تطلي جسدها بالنورة.
(وتجتنب الصباغ كله إلا الأسود) فإنه لباس الحزن، إلا أن يكون زينة قوم فتجتنبه، (ولا تختضب بحناء ولا تقرب دهنا مطيبا) وإنما منعت منه ومن الزينة لأنهما يدعوان إلى النكاح، (ولا تمتشط بما يختمر في رأسها) وهو ما له رائحة طيبة لنهي النبي ﷺ كما في أحاديث عدة منها حديث أم سلمة ﵂ قالت: يا رسول الله، إن ابنتي توفي عنها زوجها، وقد اشتكت عينها، أفتكحلها؟ فقال رسول الله ﷺ:«لا مرتين أو ثلاثا، كل ذلك يقول: «لا» ثم قال رسول الله ﷺ: «إنما هي أربعة أشهر وعشر، وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول»(٢).
قلت: وهذا فيه جواز تذكير الناس بالنعم المتجددة ومقارنتها بما كانوا
(١) المسالك في شرح موطأ مالك (٥/ ٦٦٦)، والقبس (٢/ ٧٦٤)، وانظر كلامه عن الآيات في كتابه: الأحكام (١/ ٢٠٧). (٢) البخاري (٥٠٢٥، ١٢٢١)، ومسلم في الطلاق باب وجوب الإحداد في عدة الوفاة رقم (١٤٨٦ - ١٤٨٩).