وروى البيهقي عن جابر ﵁ قال: لما طلق حفص بن المغيرة امرأته فاطمة أتت النبي ﷺ فقال لزوجها: «متعها» قال: لا أجد ما أمتعها، قال:«فإنه لا بد من المتاع، متعها ولو بنصف صاع من تمر»(١).
(ولا يجبر) تأكيد إذ المستحب لا يجبر عليه من أباه لقوله تعالى: ﴿حقا على المحسنين﴾ [البقرة: ٢٣٦] فتخصيص المحسنين بها يدل على أنها على سبيل الإحسان والتفضل لا على سبيل الوجوب إذ لو كانت واجبا لم تختص بالمحسنين (٢)، وقال الشعبي:«والله ما رأيت أحدا حبس فيها، و الله لو كانت واجبة لحبس فيها القضاة» رواه ابن أبي حاتم، وقال سعيد بن جبير: ليست المتعة على كل أحد إنما هي على المتقين (٣).
لطيفة من اللطائف في الباب ما رواه البيهقي عن قتادة قال:«طلق رجل امرأته عند شريح فقال له شريح: متعها، فقالت المرأة: إنه ليس لي عليه متعة إنما قال الله: ﴿متاعا بالمعروف حقا على المحسنين … والمطلقات متع بالمعروف حقا على المتقين﴾ [البقرة: ٢٤١] وليس من أولئك»(٤).
(والتي)؛ أي: المطلقة التي (لم يدخل بها و) الحال أنه كان (قد فرض لها) صداقا (فلا متعة لها)، لأنها قد أخذت نصف الصداق مع بقاء سلعتها، ومفهومه أنها إذا لم يفرض لها فإن لها المتعة وهو كذلك كما قدمنا لقوله تعالى: ﴿لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن﴾ [البقرة: ٢٣٦] ثم قال: ﴿وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم﴾ [البقرة: ٢٣٧] فخص الأولى بالمتعة، والثانية بنصف المفروض، وروى مالك عن نافع عن ابن عمر ﵄: «أنه كان يقول لكل مطلقة متعة إلا التي تطلق وقد فرض لها صداق، ولم تمسس فحسبها
(١) السنن الكبرى للبيهقي (١٤٢٧٠) (٧/ ٢٥٧)، ط: الباز. (٢) الذخيرة للقرافي (٤/ ٤٤٨). (٣) تفسير ابن أبي حاتم (٢/ ٤٤٣) (٢٣٥٢)، تحقيق: أسعد محمد الطيب، مكتبة نزار مصطفى الباز - السعودية، ط: الثالثة، ١٤١٩ هـ. (٤) السنن الكبرى للبيهقي (١٤٨٨٩) (٧/ ٢٥٨) الباز، وانظر: شرح الزرقاني (٣/ ٢٥٤).