لبقاء العصمة وإن قتل على ردته لا يرث الآخر وتعتبر ردة غير البالغ على المشهور فيحال بينهما، واتفق على أنه لا يقتل إلا بعد بلوغه واستتابته وينبني على أن ردته معتبرة أنه لا تؤكل ذبيحته ولا يصلى عليه (وقد قيل) الفسخ (بغير طلاق) وهو رواية ابن أبي أويس وابن الماجشون عن مالك، لأنها فرقة عرية عن لفظ الطلاق ونيته فكانت فسخا كسائر الفسوخ؛ ولأنهما مغلوبان على فسخه للآية السابقة، وهل تارك الصلاة كذلك؟ نعم إن تركها جحودا لفرضيتها فهو كافر لا يحل للمرأة المسلمة المصلية أن تبقى معه لحظة من الزمان، وأما إن كان تاركا لها على وجه التهاون ففيه الخلاف المذكور في باب الردة، فلينظر؛ والقول عندي في هذا الزمان الذي لا سلطان فيه يأمر الناس بالصلاة ويدفعهم لأدائها، لو قيل بكفره تغليظا عليه وتخويفا له لكان أولى، وقد أفتى الحنابلة المتأخرون على أنه أصح الأقوال، والله نسأله الثبات على دينه (١).
(وإذا أسلم) الزوجان (الكافران) سواء كانا كتابيين أو غيرهما أسلما قبل الدخول أو بعده سواء كان النكاح بولي وصداق أو لا (ثبتا على نكاحهما) للإجماع حكاه ابن عبد البر (٢)، ولأنه أسلم خلق كثير فأقرهم الرسول ﷺ على أنكحتهم منهم: صفوان بن أمية وكانت تحته عاتكة بنت الوليد بن المغيرة، وأم حكيم بنت الحارث بن هشام كانت تحت عكرمة بن أبي جهل كما في «الموطأ»، وهند بنت عتبة وكانت تحت أبي سفيان، قال ابن شهاب: ولم يبلغنا أن امرأة هاجرت إلى الله ورسوله، وزوجها كافر مقيم بدار الكفر إلا فرقت هجرتها بينها وبين زوجها، إلا أن يقدم زوجها مهاجرا قبل أن تنقضي عدتها (٣)، ولحديث ابن عباس ﵄: «أن رجلا جاء مسلما على عهد النبي ﷺ، ثم جاءت امرأته مسلمة، فقال: يا رسول الله، إنها كانت أسلمت
(١) انظر: تحفة الأحوذي (٧/ ٣١٠)، وانظر: مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين (١٢/ ٩٢)، الناشر: دار الوطن، دار الثريا، ١٤١٣ هـ. (٢) انظر: تمهيد التمهيد (٢/ ١٣٨) لعبد العزيز القرشي. (٣) الموطأ (٢٠٠٢)، وانظر: شرح الزرقاني (٣/ ٢٠٣)، وفتح الباري (٩/ ٣٣١ - ٣٣٢)، ط: الريان.