(ونكاح التفويض جائز) من غير خلاف (١) لقوله تعالى: ﴿لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة﴾ [البقرة: ٢٣٦] ولحديث عقبة بن عامر ﵁«أن النبي ﷺ قال لرجل: «أترضى أن أزوجك فلانة؟»، قال: نعم، وقال للمرأة:«أترضين أن أزوجك فلانا؟»، قالت: نعم، فزوج أحدهما صاحبه فدخل بها الرجل ولم يفرض لها صداقا، ولم يعطها شيئا وكان ممن شهد الحديبية وكان من شهد الحديبية له سهم بخيبر فلما حضرته الوفاة قال: إن رسول الله ﷺ زوجني فلانة، ولم أفرض لها صداقا، ولم أعطها شيئا، وإني أشهدكم أني أعطيتها من صداقها سهمي بخيبر، فأخذت سهما فباعته بمائة ألف» (٢)، وفي حديث معقل بن سنان:«أن بروع بنت واشق تزوجت ولم يفرض لها زوجها صداقا فقضى رسول الله ﷺ بأن لها مثل مهر نسائها»(٣)(وهو أن يعقداه) بلفظ: التثنية؛ أي: الزوج والولي ويروى يعقده بلفظ الإفراد؛ أي: الزوج (ولا يذكران صداقا) استشكل إثبات النون، لأنه معطوف على المنصوب هذا الإشكال مبني على أن الواو للعطف أما لو جعلت للحال كما فعل التتائي فلا إشكال، وكلام المصنف صادق بصورتين، لأنهما إذا لم يذكرا صداقا إما أن يصرحا مع ذلك بالتفويض نحو أنكحتك وليتي على التفويض أو لا نحو: زوجتك وليتي من غير ذكر مهر، وعلى كلا الوجهين النكاح صحيح، أما لو صرحا باشتراط إسقاط المهر لما جاز وفسخ قبل الدخول، واختلف قول ابن القاسم في فسخه بعده والمعتمد عدم الفسخ وأنه يمضي بصداق المثل (ثم) إذا قلنا بجواز نكاح التفويض وصحته ووقع
(١) انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (١٣/ ٢٧٨)، والبيان والتحصيل (٤/ ٣٤٧)، والذخيرة (٤/ ٣٦٧). (٢) أبو داود (٢١١٩)، والحاكم (٢٧٤٢) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، والبيهقي في السنن (١٤٧٢١). (٣) أبو داود (٢١١٦)، والترمذي (١١٤٥) وقال أبو عيسى: حديث ابن مسعود حديث حسن صحيح، والنسائي (٣٣٦٧)، وابن ماجه (١٨٩١).