وكل من الهداية والضلال، والتوفيق والخذلان، والكفر والإيمان، داخل تحت مشيئة الله وإرادته قال تعالى: ﴿كما بدأكم تعودون فريقا هدى … وفريقا حق عليهم الضلالة إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون﴾ [الأعراف: ٢٩/ ٣٠]، ﴿لا يسأل عما يفعل وهم يسألون﴾ [الأنبياء: ٢٣]، فلا يعترض على قضاء الله وقدره إلا جاهل، ولا يترك العمل إلا مفرط متساهل.
• قال المصنف رحمه الله تعالى:
(تعالى أن يكون في ملكه ما لا يريد، أو يكون لأحد عنه غنى، خالقا لكل شيء، ألا هو رب العباد، ورب أعمالهم، والمقدر لحركاتهم وآجالهم).
قال الغني الحميد في كتابه المجيد: ﴿إن ربك فعال لما يريد﴾ [هود: ١٠٧]، لا يكون في ملكه شيء لا يريده، فهو الخالق للخلق وما يعملون من خير وشر، ورشد ومكر، وليس هناك أحد هو مستغن عن الله كائنا من كان في السموات والأرض كلهم فقراء إليه وهو الغني جل في علاه قال تعالى: ﴿إن الله لغني عن العالمين﴾ [العنكبوت: ٦]، وقال: ﴿يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله … والله هو الغني الحميد﴾ [فاطر: ١٥]، فهو رب العباد ورب أعمالهم؛ أي: هو خالقها ومقدرها قال تعالى: ﴿والله خلقكم وما تعملون﴾ [الصافات: ٩٦]، قال ابن كثير: يحتمل أن تكون «ما» مصدرية، فيكون تقدير الكلام: والله خلقكم وعملكم، ويحتمل أن تكون بمعنى «الذي» تقديره: والله خلقكم والذي تعملونه، وكلا القولين متلازم، والأول أظهر؛ لما رواه البخاري في كتاب «أفعال العباد»، عن علي بن المديني، عن مروان (١) بن معاوية، عن أبي مالك، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة مرفوعا قال:«إن الله يصنع كل صانع وصنعته»(٢). وهو سبحانه الذي يقدر حركاتهم وسكناتهم، ومنتهى آجالهم، ومحط رحالهم في الدار الآخرة، لا إله غيره ولا رب سواه.
(١) في بعض النسخ: (هارون). (٢) خلق أفعال العباد (ص ٧٣).