الخصلة الرابعة وهي: الصيام وإلى ذلك أشار المصنف بقوله: (فإن لم يجد) المكفر (ذلك)؛ أي: العتق؛ أي: أو الكسوة بدليل قوله: (ولا إطعاما فليصم ثلاثة أيام يتابعهن استحبابا لقوله تعالى ﴿فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفرة أيمانكم إذا حلفتم﴾ [المائدة: ٨٩] لما روى في التتابع عن أبي بن كعب وابن مسعود ﵄ أنهما كانا يقرآن الآية: ﴿فصيام ثلاثة أيام متتابعات﴾ (١)، ولأن المبادرة إلى براءة الذمة أولى (فإن فرقهن)؛ أي: الأيام الثلاثة (أجزأه) لأنه يصح حمل الآية على التتابع والافتراق، ولكن لا بد من تبييت النية في كل ليلة (٢)
(و) يباح (له) أي: للحالف أن يكفر قبل الحنث وبعده) ظاهره مطلقا سواء كانت يمينه على بر أو على حنث كانت كفارته بالصوم أو غيره، لحديث أبي موسى الأشعري ﵁ أن النبي ﷺ قال:«لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير، وتحللتها»(٣)، وفي رواية لهما:«إلا كفرت عن يميني، وفعلت الذي هو خير»(٤) وفي أخرى لهما: «إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني»(٥).
وحديث عبد الرحمن بن سمرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال:«وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فائت الذي هو خير وكفر عن يمينك»(٦)، وفي رواية لهما:«فكفر عن يمينك، وانت الذي هو خير»، (و) لكن تكفيره (بعد الحنث أحب إلينا) ليكون تكفيرا لما قد وقع فعلا، ويعني بقوله:(إلينا) نفسه إشارة إلى الرد على أشهب القائل بعدم الإجزاء أو على من يقول بعدم جواز تقديم الصوم دون غيره، والله أعلم.
(١) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٦/ ٢٨٣). (٢) البخاري (٢٩٦٤)، ومسلم (١٦٤٩). (٣) البخاري (٤٦١٤). (٤) البخاري (٦٦٢١). (٥) البخاري (٨/ ١٥٩) (٦٦٢٢)، ومسلم (٥/ ٨٦) (٤٢٩٢) و (٦/ ٥) (٤٧٤٢). (٦) شرح حدود ابن عرفة للرصاع (٢١٨).