وأصل الرباط من رباط الخيل لأن هؤلاء يربطون خيولهم، وهؤلاء يربطون خيولهم كل يعد لصاحبه فسمي المقام بالثغر رباطا وإن لم يكن فيه خيل، و (فيه فضل كبير) روي بالمثلثة والموحدة؛ أي: وفضله عظيم وأجره كبير. قال تعالى: ﴿يأيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون﴾ [النساء: ٢٠٠] فعن زيد بن أسلم قال: «اصبروا على الجهاد، وصابروا العدو، ورابطوا الخيل»(١).
ورو سلمان ﵁ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأجري عليه رزقه وأمن الفتان»(٢).
(وذلك) الفضل المذكور متفاوت بقدر كثرة خوف أهل ذلك الثغر، وكثرة تحرزهم من عدوهم وقلته والخوف والتحرز متلازمان فمتى اشتد الخوف اشتد التحرز.
(ولا يغزى بغير إذن الأبوين) إذا كانا مسلمين عند ابن القاسم وعند سحنون مطلقا مسلمين أو كافرين لحديث عبد الله بن عمرو الله ﵁ قال: جاء رجل إلى النبي ﷺ، فاستأذنه في الجهاد، فقال:«أحي والداك؟»، قال: نعم، قال:«ففيهما فجاهد»(٣)، قال جمهور العلماء: يحرم الجهاد إذا منع الأبوان
(١) الدر المنثور (٢/ ٤١٨)، وقال: أخرجه عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب. (٢) قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: قوله: «أمن الفتان ضبطوا (أمن) بوجهين: أحدهما: (أمن) بفتح الهمزة وكسر الميم من غير (واو). والثاني: (أومن) بضم الهمزة وبواد. وأما (الفتان) فقال القاضي: رواية الأكثرين بضم الفاء جمع (فاتن) قال: ورواية الطبري بالفتح، وفي رواية أبي داود في سننه أومن من فتاني القبر» والحديث رواه مسلم، باب فضل الرباط في سبيل الله، من كتاب الإمارة (٣/ ١٥٢٠) (٣) أخرجه أحمد (٢/ ١٦٥) (٦٥٤٤)، والبخاري (٤/ ٧١) (٣٠٠٤)، ومسلم/ ٣ (٦٥٩٦)