للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بداره (١)، كان من وجوه العلم ورفعائهم، معنيا بلزوم السنة والأثر، والرد على أهل الأهواء والبدع، وبخاصة الشيعة العبيديين، الذين كانت له معهم صولات وجولات في زمن نفوذ سلطانهم؛ وبسبب علمه، وورعه، ونبوغه في المذهب المالكي وإحاطته البالغة بالمذهب سمي بمالك الصغير، ومن اطلع على كتابه «النوادر والزيادات» (٢)، ليتعجب من نبوغ هذا العلم في المذهب، وهو وطبقته آخر المتقدمين وأول المتأخرين منهم.

وكان - رحمه الله تعالى - عالما، فقيها، ورعا، كريما، ممدحا، ثريا، عالي الهمة، سريا. وقال القابسي: إمام موثوق به في درايته وروايته (٣).

ذا عذوبة في الألفاظ، وملاحة إيراد، وجزالة معان، ذا بيان ومعرفة بما يقوله ضربت إليه الأكباد من سائر البلدان، وكان يقول الشعر ويجيده (٤).

وحصلت له إمامة المالكية بل أهل السنة كافة في المغرب في زمانه، وكان عالي الإسناد بينه وبين سحنون واسطة، ويروي عن ابن القاسم بواسطتين وعن مالك بثلاث (٥)، معنيا بلقاء الشيوخ والأخذ عنهم واستجازتهم غربا وشرقا، لا سيما في رحلته الحجازية لأداء فريضة حج بيت الله الحرام، ولهذا احتوشه الطلاب، وكثر الآخذون عنه، وصار طلب العلم وتعليمه: صنعته، وتدريسه: حرفته، فشهد درسه الكبار، وتخرج به الأقران، وألحق الأحفاد بالأجداد، وكان له في التأليف ريادة، وفي صنعته عناية، وعلى عبارته حلاوة وطلاوة (٦).

جمال ذي الأرض كانوا في الحياة وهم … بعد الممات جمال الكتب والسير

* * *


(١) كتاب «الجامع» لابن أبي زيد، تحقيق: عبد المجيد تركي (٥٢).
(٢) والذي طبعته مؤخرا دار الغرب الإسلامي في خمسة عشر مجلدا.
(٣) تنوير المقالة (١/ ٤٥).
(٤) معالم الإيمان للدباغ (٣/ ١١٠) بواسطة: الهادي الدرقاش في كتابه أبو محمد حياته وآثاره (ص ٦٥).
(٥) الفواكه الدواني للنفراوي (١/ ٩).
(٦) انظر ترجمة له مختصرة في: عقيدة السلف «مقدمة ابن أبي زيد» للشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>