عمل الخلفاء، فقد أفرد الصديق في السنة الثانية، وعمر بعده عشر سنين، وعثمان اثنتي عشرة سنة، وبه أخذ جابر، وابن مسعود، وابن عمر، وعائشة وهو مذهب الشافعي. ومن الأحاديث الدالة على فضله ما جاء عن عائشة ﵂ قالت:«خرجنا مع رسول الله ﷺ فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحجة، ومنا من أهل بحج وعمرة، وأهل رسول الله الله بالحج، فأما من أهل بالحج أو جمع الحج والعمرة فلم يحلوا حتى يوم النحر»(١).
وفي حديث جابر في صفة حجة النبي ﷺ قال:«ولبى رسول الله ﷺ تلبية حتى إذا أتينا البيت معه قال جابر: لسنا ننوي إلا الحج لسنا نعرف العمرة».
وعن ابن عمر (في رواية يحيى) قال أهللنا مع رسول الله ﷺ بالحج مفردا وفي رواية ابن عون أن رسول الله الله أهل بالحج مفردا رواه مسلم.
وغيرها من الأحاديث الواردة في إفراد النبي ﷺ.
قال الشوكاني (٢): بعد أن ساق أحاديث الأنساك الثلاثة (وقد اختلفت) الأنظار واضطربت الأقوال لاختلاف هذه الأحاديث، فمن أهل العلم من جمع بين الروايات كالخطابي فقال:«إن كلا أضاف إلى النبي ﷺ ما أمر به اتساعا، ثم رجح أنه أفرد الحج، وكذا قال عياض وزاد فقال: وأما إحرامه فقد تظافرت الروايات الصحيحة بأنه كان مفردا، وأما رواية من روى التمتع فمعناه أنه أمر به .. ».
وما جاء من أنه قرن أو تمتع فأجاب عنه الإمام بحمله على أن المراد أمر بعض أصحابه بالقران وأمر بعضا بالتمتع، فنسب ذلك إليه على طريق المجاز، ولأن الإفراد لا يحتاج إلى أن يجبر بالهدي بخلاف القرآن والتمتع فإنهما يحتاجان إليه.
(١) البخاري (٣١٩)، ومسلم (١١٢) (١٢١١). (٢) انظر: النيل للشوكاني (٤/ ٣٦٦)، باب: التخيير بين المناسك.