للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البحر وحرمة صيد البر للمحرم، ولحديث أبي قتادة: «كنت يوما جالسا مع رجال من أصحاب النبي في منزل، في طريق مكة، ورسول الله نازل أمامنا والقوم محرمون، وأنا غير محرم، فأبصروا حمارا وحشيا، وأنا مشغول أخصف نعلي، فلم يؤذنوني به، وأحبوا لو أني أبصرته، والتفت، فأبصرته فقمت إلى الفرس، فأسرجته، ثم ركبت، ونسيت السوط والرمح، فقلت لهم: ناولوني السوط والرمح، فقالوا: لا والله، لا نعينك عليه بشيء، فغضبت، فنزلت، فأخذتهما، ثم ركبت فشددت على الحمار فعقرته، ثم جئت به وقد مات، فوقعوا فيه يأكلونه، ثم إنهم شكوا في أكلهم إياه وهم حرم، فرحنا وخبأت العضد معي، فأدركنا رسول الله ، فسألناه عن ذلك، فقال: «معكم منه شيء؟»، فقلت: نعم، فناولته العضد، فأكلها حتى نفدها وهو محرم» (١)، ولمسلم: «هل أشار إليه إنسان أو إمرأة بشيء؟، قالوا: لا؛ قال: فكلوه» (٢)، ولا يستثنى من التحريم إلا ما يتناوله الحديث وهو الغراب والحدأة والفأرة والعقرب والكلب العقور. وقد تقدم.

(و) كذلك يجتنب فيهما (قتل الدواب) التي لا يظهر فيها ضر ولا نفع كالخنافس، والدود، والذباب والبعوض، والبراغيث، فيكره قتلها، ولا يقتل القمل ولا يلقيه عن جسده، إلا إذا لحقته منه مشقة كما وقع لكعب بن عجرة عنه: أنه كان مع رسول الله ، محرما. فآذاه القمل في رأسه، فأمره رسول الله أن يحلق رأسه. وقال له: «صم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين. مدين، مدين، لكل إنسان. أو انسك بشاة. أي ذلك فعلت أجزأ عنك» (٣) ونهى النبي عن قتل النمل، والنحل، والهدهد، والصرد لحديث ابن عباس: أن النبي نهى عن قتل أربع من الدواب: النملة، والنحلة،


(١) البخاري (٢٥٧٠)، ومسلم (٥٧) (١١٩٦).
(٢) مسلم (٢٩١٦)، وللبخاري نحوه (١٨٢٤).
(٣) مالك في الموطأ (٢/ ٥١١)، والبخاري (١٨١٤)، ومسلم (٢٨٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>