للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[طه: ٨]، والأسماء: جمع اسم وهو مأخوذ من السمة وهي العلامة، أو من السمو وهو العلو والرفعة، ووصفها بالحسنى لدلالتها على أشرف المعاني وأفضلها، قال القرطبي: سمى الله سبحانه أسماءه بالحسنى، لأنها حسنة في الأسماع والقلوب؛ فإنها تدل على توحيده وكرمه وجوده ورحمته وإفضاله.

والحسنى مصدر وصف به؛ ويجوز أن يقدر «الحسنى» فعلى، مؤنث الأحسن؛ كالكبرى تأنيث الأكبر، والجمع الكبر والحسن اهـ.

يقول قوام السنة الأصفهاني (ت ٥٣٥ هـ):

«قال بعض العلماء: أول فرض فرضه الله على خلقه: معرفته، فإذا عرفه الناس عبدوه، قال الله (تعالى): ﴿فاعلم أنه لا إله إلا الله﴾ [محمد: ١٩]، فينبغي للمسلمين أن يعرفوا أسماء الله وتفسيرها؛ فيعظموا الله حق عظمته، ولو أراد رجل أن يعامل رجلا: طلب أن يعرف اسمه وكنيته، واسم أبيه وجده، وسأل عن صغير أمره وكبيره، فالله الذي خلقنا ورزقنا، ونحن نرجو رحمته، ونخاف من سخطه، أولى أن نعرف أسماءه ونعرف تفسيرها» (١).

وفقه أسماء الله تعالى وصفاته يوجب تحقيق الإيمان والعبادة لله وحده، وإفراده - سبحانه - بالقصد والحب والتوكل وسائر العبادات، كما بين ذلك أهل العلم.

ولذا: يقول العز بن عبد السلام: «فهم معاني أسماء الله (تعالى) وسيلة إلى معاملته بثمراتها من: الخوف، والرجاء، والمهابة، والمحبة، والتوكل، وغير ذلك من ثمرات معرفة الصفات» (٢).

ويقول أيضا: «ذكر الله بأوصاف الجمال موجب للرحمة، وبأوصاف الكمال موجب للمهابة، وبالتوحد بالأفعال موجب للتوكل، وبسعة الرحمة موجب للرجاء، وبشدة النقمة موجب للخوف، وبالتفرد بالإنعام موجب للشكر، ولذلك قال (سبحانه): ﴿اذكروا الله ذكرا كثيرا﴾ [الأحزاب: ٤١]».


(١) الحجة في بيان المحجة (١/ ١٢٢).
(٢) شجرة المعارف والأحوال (ص ١).

<<  <  ج: ص:  >  >>