(ويؤخذ من تجار الحربيين العشر)؛ أي: عشر ما قدموا به باعوا أو لم يبيعوا وسواء باعوا في بلد واحد أو في جميع بلاد الإسلام، وهو قول ابن القاسم، وتقدم مذهبه في أهل الذمة أنه لا يؤخذ منهم حتى يبيعوا، فعن عمرو بن شعيب أن أهل منبج قوم من أهل الحرب وراء البحر كتبوا إلى عمر بن الخطاب دعنا ندخل أرضك تجارا وتعشرنا، قال فشاور عمر أصحاب رسول الله ﷺ في ذلك فأشاروا عليه به فكانوا أول من عشر من أهل الحرب» (١).
وعن الحسن قال: «كتب أبو موسى إلى عمر ﵁ إن تجار المسلمين إذا دخلوا دار الحرب أخذوا منهم العشر، قال فكتب إليه عمر ﵁ خذ منهم إذا دخلوا إلينا مثل ذلك العشر، وخذ من تجار أهل الذمة نصف العشر، وخذ من المسلمين من مائتين خمسة فما زاد في كل أربعين درهما درهم (٢).
وعن أنس بن مالك قال:«بعثني عمر بن الخطاب ﵁ على العشور وكتب لي عهدا أن آخذ من المسلمين مما اختلفوا فيه بتجارتهم ربع العشر، ومن أهل الذمة نصف العشر، ومن أهل الحرب العشر»، والفرق بينهما أن أهل الحرب قد حصل لهم الأمان ما داموا في أرض الإسلام، وجميع بلاد الإسلام كالبلد الواحدة.
وأما أهل الذمة فإنما يؤخذ منهم لانتفاعهم، وهم غير ممنوعين من بلادنا، فلما تكرر نفعهم تكرر الأخذ منهم.
وظاهر كلام الشيخ: أنه لا ينقص من العشر وإن رآه الإمام، وهو قول مالك وأشهب، وحاصله أنه إن كان قبل النزول يجوز أن يتفق معهم على أكثر من العشر، وإن كان بعد النزول لم يؤخذ منهم إلا العشر.
وقال ابن القاسم: يؤخذ منهم بحسب ما يراه الإمام. وصرح مرزوق
= شرح المدونة للرجراجي (٢/ ٢٦٥). (١) الخراج لأبي يوسف (١٤٩). (٢) الخراج ليحيى بن آدم القرشي (٢/ ٧٥).