ألا تطوفي بالبيت» (١)، وتبني على ما تقدم (وحرمة الاعتكاف) مستمرة (عليهما) فلا يجوز لهما أن يفعلا خارج المسجد ما ينافي الاعتكاف إلا الفطر. وقوله (في المرض) عائد على المريض. وقوله:(وعلى الحائض في الحيض) عائد على الحيض إلا أنه لو قال في المرض والحيض لكان أحسن ليسلم من التكرار، إذ قوله: وعلى الحائض مكرر باعتبار دخولها في عليهما، لأنه عائد على المريض والحائض.
(فإذا طهرت الحائض) بمعنى أنها رأت علامة الظهر واغتسلت (أو أفاق المريض) من مرضه سواء حصل لهما ذلك (في ليل أو نهار رجعا) وفي نسخة رجع؛ أي: كل من الحائض والمريض (ساعتئذ)؛ أي: ساعة إذ طهرت الحائض من الحيض بعد غسلها، أو أفاق المريض من مرضه (إلى المسجد) وإن لم يرجعا حينئذ ابتدءا على المشهور وإذا رجعا نهارا لا يعتد بذلك اليوم لتعذر الصوم فيه.
(ولا يخرج المعتكف من معتكفه إلا لحاجة الإنسان) وهي كل ما يحمله على الخروج من بول، وغائط، وغسل جمعة، وعيد، ووضوء، وغسل جنابة، وأكل وشرب، بشرط أن لا يتجاوز محلا قريبا إلى ما هو أبعد، وإلا فسد اعتكافه، وبشرط أن لا يشتغل مع أحد بالمحادثة فيما لا فائدة فيه، أو لم يثبت فعله عن النبي ﷺ، وإلا فسد اعتكافه أيضا قالت عائشة ﵂:«السنة للمعتكف أن لا يخرج إلا لما لا بد له منه»(٢)، وقالت أيضا:«كان رسول الله ﷺ إذا اعتكف يدني إلي رأسه فأرجله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان»(٣)، قال ابن المنذر (٤): [أجمع أهل العلم على أن للمعتكف
(١) أخرجه مالك في الموطأ صفحة (٢٦٥ و ٢٦٦)، والبخاري (١/ ٨١) (٢٩٤)، ومسلم (٤/ ٣٠). (٢) باب: المعتكف يعود المريض من كتاب الصيام سنن أبي داود (١/ ٥٧٥). (٣) أخرجه البخاري (٣/ ٦٣)، باب: لا يدخل البيت إلا للحاجة من كتاب الاعتكاف، ومسلم (١/ ٢٤٤) في باب جواز غسل الحائض رأس زوجها، من كتاب الحيض، ومالك في الموطأ، باب: ذكر الاعتكاف (١/ ٣١٢). (٤) الإجماع لابن المنذر (ص ٤٨)، وانظر: تفسير القرطبي (٢/ ٣٣٢).