أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. ولما كان المراد من الإسلام الشهادتين وقد قال:«من مات وهو يقول لا إله إلا الله دخل الجنة» ناسب الدعاء بالوفاة عليه (وأسعدنا بلقائك)؛ أي: برؤيتك في الآخرة (وطيبنا)؛ أي: طهرنا (للموت) بالتوبة الصادقة وهي أن يتوب ثم لا يعود إلى الذنب كما لا يعود اللبن في الضرع. (وطيبه لنا واجعل فيه)؛ أي: في الموت (راحتنا ومسرتنا) بحصول ما يسر (ثم تسلم) كما تسلم من الصلاة.
(وإن كانت) الجنازة (امرأة قلت اللهم إنها أمتك ثم تتمادى بذكرها على التأنيث) فتقول وبنت أمتك وبنت عبدك أنت خلقتها ورزقتها إلخ.
(غير أنك لا تقول وأبدلها زوجا خيرا من زوجها لأنها قد تكون زوجا في الجنة لزوجها في الدنيا) وإنما أتى بقد الدالة على التوقع؛ أي: على شيء يتوقع حصوله لا مجزوم بحصوله لاحتمال أن يكون لها زوج في الدنيا وتكون لغيره في الآخرة، قال تعالى: ﴿ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذريتهم﴾ [الرعد: ٢٣].
قلت: وأحسن منه عندي أن يقرأ الفاتحة فهي ثناء وتعظيم ودعاء وتكريم، لا سيما وقد جاء عن النبي ﷺ أنه قال:«لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب»(١) فهو عام في كل صلاة، وقد ثبت عن ابن عباس ﵄ أنه صلى جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب، فقال:«إنه من السنة، أو من تمام السنة»(٢).
واختار أشهب وابن مسلمة: قراءة الفاتحة عقيب التكبيرة الأولى (٣)، وحكى القرافي عن أشهب الوجوب، وكان يفعله، واحتج بالحديث:«لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب»(٤). ونصر ابن عبد السلام قول أشهب (٥).
(١) رواه البخاري ومسلم ود وت وس وق دمي، تقدم تخريجه. (٢) رواه الترمذي (١٠٢٧)، وقال: هذا حديث حسن صحيح. (٣) الجواهر (١/ ٢٦٧)، والمنتقى (٢/ ١٦)، وشرح التلقين (٣/ ١١٥٣)، والتوضيح (٢/ ٦٥٩). (٤) الذخيرة (٢/ ٤٥٩)، ونقل التتائي في تنويره (٣/ ٦٣) عن القرافي قوله: بل قراءتها من الورع للخروج من خلاف القائل بفرضيتها وهو كلام جميل. (٥) شرح ابن عبد السلام على ابن الحاجب (١/ ٧٨/ ب)، محقق التوضيح (٢/ ٦٦٠) حاشية.