أنه ﷺ أراد أن يفعل ذلك فثقل عليه: كما في رواية لأبي داود: «استسقى رسول الله ﷺ وعليه خميصة له سوداء، فأراد أن يأخذ بأسفلها فيجعله أعلاها، فلما ثقلت عليه قلبها على عاتقه»(١)، فأقل ما يمكن أن يقال إنه مباح وقد ذهب إلى ذلك الشافعي في الجمع بين الهم والتحويل (٢)، قال الحافظ: ولا ريب أن الذي استحبه الشافعي أحوط، وقال الحافظ ابن عبد البر: ففي هذا الحديث دليل على أن الخميصة لو لم تثقل عليه لنكسها وجعل أعلاها أسفلها (٣).
وأما تحويل ما على الأيمن على الأيسر فلا يمكن إلا مع جعل باطن الرداء ظاهرا وظاهره باطنا وفيه من التفاؤل ما لا يخفى.
(وليفعل الناس) الذكور دون الإناث (مثله)؛ أي: مثل الإمام وهو المشهور (٤)، إن كانوا أصحاب أردية فيحولون أرديتهم وهم جلوس وأما الإمام فيحول وهو قائم، وهم قعود ثم يدعو (كذلك) وهو قائم مستقبل القبلة جهرا ويكون الدعاء بين الطول والقصر ومن دعائه ما ثبت من حديث أنس ﵁: «اللهم اسقنا اللهم اسقنا اللهم اسقنا»(٥)، وما جاء أيضا من رواية أبي وجرة يزيد بن عبيد السلمي ﷺ أن النبي ﷺ رفع يديه حتى رئي بياض إبطيه وكان مما حفظ من دعائه:«اللهم اسق بلدك وبهائمك وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا مريعا طبقا واسعا عاجلا غير آجل نافعا غير ضار اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا هدم ولا غرق ولا محق اللهم اسقنا الغيث وانصرنا على الأعداء»(٦).
(١) رواه أبو داود (١١٦٤)، والنسائي (١٥٦٣) مختصرا، وإسناد الحديث على شرط مسلم. (٢) الفتح (٢/ ٥٧٨)، باب: تحويل الرداء في الاستسقاء. (٣) الاستذكار (٢/ ٤٢٩). (٤) المدونة (١/ ٢٤٤)، والتلقين (١٤٠)، والتوضيح (٢/ ٥٢٣). (٥) رواه البخاري (٩٦٧). (٦) الاستذكار (٢/ ٤٣٠) رقم (٤١٩)، وروى بعضه أبو داود (١/ ٣٠٣) رقم (١١٦٩)، وابن ماجه (١٣٢٨)، والحاكم (١/ ٤٧٥) رقم (١٢٢٢)، وقال: صحيح على شرط الشيخين. والبيهقي (٣/ ٣٥٥) رقم (٦٢٣٠). (غيئا)؛ أي: مطرا، (مغيثا): بضم أوله؛ أي: معينا من الإغاثة بمعنى الإعانة، (مريئا): بفتح الميم والمد ويجوز