للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرابع (ثم) بعد ذلك (يرفع رأسه كما ذكرنا)؛ يعني: وهو يقول: سمع الله لمن حمده ويقول: المأمون ربنا ولك الحمد، (ثم) بعد ذلك (يسجد كما ذكرنا) سجدتين تامتين بطمأنينة وفيهما القولان المتقدمان في سجدتي الركعة الأولى (ثم يتشهد و) إذا فرغ من تشهده (يسلم) وهذه الصفة التي ذكرها الشيخ. قال الفاكهاني: هي مذهبنا ومذهب الجمهور، ودليلها الأحاديث الصريحة في هذه الكيفية المتقدمة التي نعتها مصنفنا (١).

فمن الأحاديث الواردة في صفتها: ما رواه مالك من حديث عائشة زوج النبي أنها قالت: خسفت الشمس في عهد رسول الله فصلى رسول الله بالناس، فقام فأطال القيام، ثم ركع فأطال الركوع، ثم قام فأطال القيام وهو دون القيام الأول، ثم ركع فأطال الركوع وهو دون الركوع الأول، ثم رفع فسجد، ثم فعل في الركعة الآخرة مثل ذلك، ثم انصرف وقد تجلت الشمس، فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله، وكبروا، وتصدقوا، ثم قال: يا أمة محمد والله ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته، يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيرا» (٢).

قال الحافظ: وكل هذه الأحاديث ظاهرة في أن السجود في الكسوف يطول كما يطول القيام والركوع، وأبدى بعض المالكية فيه بحثا فقال: لا يلزم من كونه أطال أن يكون بلغ به حد الإطالة في الركوع، وكأنه غفل عما رواه مسلم في حديث جابر بلفظ «وسجوده نحوا من ركوعه» (٣).

(ولمن شاء أن يصلي) صلاة خسوف الشمس (في بيته مثل ذلك)؛


(١) انظر: رياض الأفهام للفاكهاني (٣/ ١٢٧٣) دار بن حزم، وانظر: إكمال الإكمال للقاضي عياض (٣/ ٢٩١).
(٢) مالك في الموطأ (٤٤٤)، والبخاري (٩٩٧)، ومسلم (٩٠١).
(٣) فتح الباري (٢/ ٦٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>