للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله في كسوف لا نسمع له صوتا» رواه الترمذي) (١): قال الباجي: «المذكور بعد هذا فقام قياما طويلا نحوا من سورة البقرة، فوجه الدليل منه أنه افتقر إلى التقدير لما لم يعلم ما قرأ به، ولو جهر بالقراءة لعلم ما قرأ به ولم يفتقر إلى التقدير ولذكر المقروء به» (٢)، قلت: لكن صح الجهر كما سيأتي، ولعله كان بعيدا فلم يسمع القراءة فقدر.

وحدها أن تكون (بنحو سورة البقرة) لفظة نحو مقحمة؛ أي زائدة، فإن المذهب استحباب قراءة البقرة في القيام الأول من الركعة الأولى بعد الفاتحة، وقد صح من طرق أن النبي جهر بالقراءة وبوب البخاري للجهر بقوله باب: (باب الجهر بالقراءة في الكسوف) وأورد حديث عائشة أن النبي جهر في صلاة الخسوف بقراءته فإذا فرغ من قراءته، كبر فركع، وإذا رفع من الركعة، قال: «سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد ثم يعاود القراءة في صلاة الكسوف أربع ركعات في ركعتين وأربع سجدات» (٣). وبالجهر قال ابن العربي من المالكية (٤)، ومثبت الجهر معه قدر زائد فالأخذ به أولى.

(ثم) بعد الفراغ من قراءتها (يركع ركوعا طويلا نحو ذلك)؛ أي: يقرب منه في الطول (ثم) بعد ذلك يرفع رأسه من الركوع والحال أنه


(١) ما بين القوسين إدراج مني، والحديث أخرجه أيضا أبو داود (١١٨٤)، والنسائي (٣/ ١٤٠) في الكسوف، وابن ماجه، وابن حبان، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي، قال الحافظ - بعد أن ذكر أحاديث الجهر والإسرار في صلاة الكسوف -: «وعلى تقدير صحتها (أي: أحاديث الإسرار) فمثبت الجهر معه قدر زائد فالأخذ به أولى، وإن ثبت العدد فيكون فعل ذلك لبيان الجواز، وهكذا الجواب عن حديث سمرة عند ابن خزيمة والترمذي «لم يسمع له صوتا» وأنه إن ثبت لا يدل على نفي الجهر، قال ابن العربي: الجهر عندي أولى لأنها صلاة جامعة ينادى لها ويخطب فأشبهت العيد والاستسقاء، والله أعلم».
(٢) المنتقى للباجي (باب: العمل في صلاة الكسوف).
(٣) البخاري (١٠٦٥).
(٤) وغلط التتائي في نسبة الجهر للشافعي وإنما قال به بعض محدثي الشافعية. انظر: الفتح (٢/ ٦٣٩ - ٦٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>