بعدت داره فإنه يخرج قبل ذلك بحيث يدرك الصلاة مع الإمام؛ أي:(قدر ما إذا وصل) الإمام وفي رواية بقدر ما إذا وصل (حانت)؛ أي: حان وقتها وجاء وقت حلها؛ أي: حلت (الصلاة) وحلها إذا ارتفعت الشمس قدر رمح أو رمحين من رماح العرب وهو اثنا عشر شبرا بالأشبار المتوسطة وهذا باعتبار رأي العين، وأما باعتبار الحقيقة فقد قطعت الشمس من المسافة ما لا يعلمه إلا الله قال أبو سعيد:«كان رسول الله ﷺ يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى، فأول شيء يبدأ به الصلاة»(١).
قال مالك:«مضت السنة أن يخرج الإمام من منزله قدر ما يبلغ مصلاه وقد حلت الصلاة»(٢).
فأما غيره فيستحب له التبكير والدنو من الإمام ليحصل له أجر التكبير، وانتظار الصلاة، والدنو من الإمام من غير تخطي رقاب الناس، ولا أذى أحد، قال عطاء بن السائب: كان عبد الرحمن بن أبي ليلى وعبد الله بن معقل يصليان الفجر يوم العيد، وعليهما ثيابهما ثم يتدافعان إلى الجبانة، أحدهما يكبر والآخر يهلل، وروي عن ابن عمر «أنه كان لا يخرج حتى تخرج الشمس»(٣).
وإيقاعها بالمصلى أفضل لفعل ذلك منه ﵊ مع المداومة واستقر على ذلك عمل أهل المدينة، وظاهر قوله في المدونة، ولأنة آخر الأمرين منه ﷺ(٤)، وقد تقدم حديث أبي سعيد ﵁ في خروجه ﷺ إلى المصلى، وروي عن علي ﵁:«أنه قيل له: قد اجتمع في المسجد ضعفاء الناس وعميانهم فلو صليت بهم في المسجد؟ فقال: أخالف السنة إذا، ولكن نخرج إلى المصلى، واستخلف من يصلي بهم في المسجد أربعا»(٥).
(١) رواه البخاري (٩٥٦)، ومسلم (٨٨٩). (٢) الموطأ، (٧ - باب: غدو الإمام يوم العيد وانتظار الخطبة). (٣) المغني (٢/ ٢٧٧). (٤) كما قال خليل في التوضيح على جامع الأمهات لخليل (٢/ ٤٩٩). (٥) البيهقي في السنن (٣/ ٣١٠)، وابن أبي شيبة (٢/ ١٨٤).