وإذا عطس هو حمد الله سرا في نفسه، روي نحو ذلك عن ابن عمر، وقال مالك أنه بلغه أن رجلا عطس يوم الجمعة والإمام يخطب، فشمته إنسان إلى جنبه، فسأل عن ذلك سعيد بن المسيب، فنهاه عن ذلك، وقال لا تعد (١)، ولا يسلم ولا يرد سلاما ولو بالإشارة، وجوزها ابن عبد البر فقال: إلا أن يرد إشارة كما يرده في الصلاة. اه (٢). وقال مالك كما في «العتبية»: ولا يشرب الماء والإمام يخطب، ولا يدور على الناس يسقيهم حينئذ (٣).
(ويستقبله الناس)؛ يعني: أن الناس يستقبلون الإمام في حال خطبته؛ أي: يستقبلون جهته وذاته، لما روى عدي بن ثابت، عن أبيه، قال: كان النبي ﷺ«إذا قام على المنبر، استقبله أصحابه بوجوههم»(٤). وعن سعيد بن المسيب أنه كان يستقبل هشام بن إسماعيل إذا خطب فوكل به هشام شرطيا يعطفه إليه.
قال مالك (٥): السنة عندنا أن يستقبل الناس الإمام يوم الجمعة، إذا أراد أن يخطب من كان منهم يلي القبلة وغيرها.
(والغسل لها)؛ أي: لصلاة الجمعة (واجب) وجوب السنن؛ يعني: أنه سنة مؤكدة ووقته قبل صلاة الجمعة، لحديث سمرة بن جندب له قال: قال رسول الله ﷺ: «من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فهو أفضل»(٦).
قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى (٧): «وفي هذا ما يدل على أن غسل
(١) الموطأ (٢٣٦)، وانظر: المدونة (١/ ٢٣٠). (٢) الاستذكار (٥/ ٤٦). (٣) البيان والتحصيل (١/ ٣٢٢). (٤) رواه ابن ماجه (١١٣٦)، وقال في الزوائد: رجال إسناده ثقات إلا أنه مرسل، وقال الألباني: «صحيح». حديث رقم (٤٧٦٢) في صحيح الجامع. (٥) الموطأ (٢٩٧)، وانظر: الاستذكار (٢/ ٥٠) (٨ باب: الهيئة وتخطي الرقاب واستقبال الإمام يوم الجمعة). (٦) رواه أبو داود (٣٥٤)، والترمذي (٤٩٧)، والنسائي (٣/ ٩٤)، وغيرهم. (٧) الاستذكار لابن عبد البر (٢/ ١١) - (١٣)، ط: الباز الأولى.