قال (وهو آخرها) وإن كان من المعلوم أنه آخرها ليرتب عليه قوله (فمن كان في صلاة) نافلة أو فريضة وقرأها (يسجدها)؛ أي: وإن كان في وقت حرمة، لأنها تبع للصلاة، ويكره عند مالك تعمد قراءة آية السجدة في الصلاة المفروضة، وهي كراهة مذهبية وليس شرعية وإنما كرهوا ذلك لئلا تختلط على المأموم صلاته، (فإذا سجد قام فقرأ على جهة الاستحباب (من) سورة الأنفال أو من غيرها ما تيسر عليه) مما يليها على نظم المصحف لما روي عن عمر ﵁: «أنه قرأ بالنجم فسجد فيها ثم قام فقرأ سورة أخرى»(١)؛ فليس المراد بالذي يليها ما كان بلصقها وإلا نافى قوله أو من غيرها، (ثم ركع وسجد) وإنما أمر بالقراءة لأن الركوع لا يكون إلا عقب القراءة أي الركوع المعتد به.
(و) ثانيها: (في) سورة (الرعد عند قوله) تعالى ﴿وظلالهم بالغدو والآصال﴾ وهي مدح للساجدين.
(و) ثالثها: (في) سورة (النحل) عند قوله تعالى: ﴿يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون﴾؛ أي: يسجدون خائفين وجلين من الرب ﷻ، (ويفعلون ما يؤمرون)؛ أي: مثابرين على طاعته تعالى، وامتثال أوامره، وترك زواجره (٢). (و) رابعها: (في) سورة (بني إسرائيل)؛ أي: الإسراء، وتسمى سبحان، عند قوله تعالى: ﴿ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا﴾ وهو مدح لهم.
(و) خامسها: (في) سورة (مريم) عند قوله تعالى: ﴿إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا﴾ وهو مدح لهم، وكان أحد السلف يقول إذا قرأها: اللهم هذا السجود فأين البكاء.
(و) سادسها: (في) سورة (الحج) وهو المذكور (أولها) عند قوله تعالى:
(١) رواه مالك كما في موطأ محمد بن الحسن (٢٦٨)، والبيهقي في السنن (٢٥٦٤)، وانظر: المغني لابن قدامة (٢/ ٣٦٩)، تحقيق: التركي والحلو. (٢) فتح الجواد الكريم في اختصار وتحقيق تفسير ابن كثير (٢/ ٦٥١).