والفرق بينه وبينهما أن سلامهما وردهما معتبر في الصلاة، فاستقبلا في أوله القبلة كسائر أفعال الصلاة، وأما المأموم فقد سلم إمامه، وهو تبع له فهو في معنى من انقضت صلاته (ويرد أخرى على الإمام قبالته)؛ أي: قبالة الإمام؛ أي: يسن للمأموم أن يأتي بتسليمة أخرى غير تسليمة التحليل يوقعها جهة الإمام، ولا يتيامن ولا يتياسر بها. (يشير بها إليه)؛ أي: بقلبه، وقيل برأسه إن كان أمامه. ومحل الخلاف حيث كان أمامه، فإن كان خلفه أو على يمينه أو على يساره فالإشارة بقلبه اتفاقا.
(ويرد على من كان يسلم عليه على يساره)؛ أي: يسن للمأموم أن يرد على يساره إن كان على يساره أحد، ودليل التسليم على الإمام وعلى من بيمينه حديث سمرة بن جندب ﵁ قال:«أمرنا أن نسلم على أئمتنا، وأن يسلم بعضنا على بعض»(١)، ولفظ أبي داود (٢): «أمرنا أن نرد على الإمام، وأن يسلم بعضنا على بعض»، والحديث أخرجه أيضا الحاكم والبزار وزاد:«في الصلاة» قال الحافظ (٣): وإسناده حسن انتهى.
وظاهر كلام المصنف أنه لا يسلم على يساره إلا إذا سلم الذي على يساره عليه، وأنه لو فرض أنه لم يسلم عليه لذهوله عن السلام مثلا أنه لا يسلم عليه، وليس كذلك (فإن لم يكن سلم عليه أحد لم يرد على يساره شيئا)؛ أي: أن محل طلب رد السلام من المأموم على جهة اليسار إن كان على يساره أحد أدرك فضل الجماعة لحديث نافع أن ابن عمر ﵁: كان يتشهد .. فإذا قضى تشهده وأراد أن يسلم قال:«السلام على النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، السلام عليكم عن يمينه، ثم يرد على الإمام فإن سلم عليه أحد عن يساره رد عليه»(٤) قال الزرقاني (٥):
(١) رواه أحمد، وابن ماجه (٩٥٧)، وأبو داود (١٠٠١). (٢) رواه أبو داود (١٠٠١). (٣) الحافظ في الفتح (٣/ ٨٧)، باب: ما ينهى عنه من الكلام في الصلاة. (٤) رواه مالك في الموطأ (١/ ٢٧١). (٥) شرح الزرقاني (١/ ٢٧١).