ومنها حديث وائل بن حجر ﵁«أنه رفع يديه حين دخل في الصلاة كبر حيال أذنيه ثم التحف بثوبه ثم وضع يده اليمنى على اليسرى … الحديث»، وفي رواية:«على يده اليسرى على صدره»(١).
قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى (٢): لم تختلف الآثار عن النبي ﷺ في هذا الباب، ولا أعلم عن أحد من الصحابة في ذلك خلافا إلا شيء روي عن ابن الزبير أنه كان يرسل يديه إذا صلى، وقد روي عنه خلافه مما قدمنا ذكره عنه، وذلك قوله ﵁: وضع اليمين على الشمال من السنة، وعلى هذا جمهور التابعين، وأكثر فقهاء المسلمين من أهل الرأي والأثر .. اهـ.
قال العلماء (٣) والحكمة في القبض: أنه على صفة السائل الذليل، وهو أمنع من العبث، وأقرب للخشوع ومن اللطائف قول بعضهم: القلب موضع النية والعادة أن من احترز على حفظ شيء جعل يديه عليه.
ثم بعد وضعك لليدين (تقرأ)؛ أي: تتبع التكبير بالقراءة من غير أن تفصل بينهما بشيء، قال ابن القاسم (٤) عن مالك ﵀ في القول بعد الإحرام: سبحانك اللهم ربنا ولك الحمد، قال: قد سمعت ذلك يقال، وما به من بأس لمن أحب أن يقوله، قيل فالإمام يكبر فقط ثم يقرأ؟ قال: نعم.
وقال ابن العربي:«وقول ذلك أحسن، والافتتاح بالذكر أجمل، وقد روي عن مالك في مختصر ما ليس في المختصر» أنه كان يقول كلمات عمر، وكلمات النبي ﷺ أولى وأحق (٥).
ودعاء الاستفتاح ثابت عن النبي ﷺ فعن أبي هريرة قال: «كان رسول الله ﷺ إذا كبر في الصلاة سكت هنيهة قبل القراءة، فقلت: يا رسول الله
(١) رواه مسلم (٨٩٤)، وروى ابن خزيمة في صحيحه (٤٧٩). (٢) التمهيد (٧٤/ ٢٠). (٣) الفتح (٢/ ٢٦٢ - ٢٦٣)، والمنهاج للنووي (٢/ ٣٣٥). (٤) المرجع السابق (ص ١٧١). (٥) المسالك في شرح موطأ مالك لابن العربي (٢/ ٣٦٤).