المصنف بقوله: وما يتصل بها من السنن عن السنن التي لا تتصل بالصلوات المفروضات فإنه لا يذكرها في هذا الباب، بل يفرد لها أبوابا غير هذا.
وقد اشتملت الصفة التي ذكرها على فرائض وسنن وفضائل ولم يميزها، وسنبين كلا من ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى.
ويؤخذ من كلامه أن من أتى بصلاته على نحو ما رتب ولم يعلم شيئا من فرائض الصلاة ولا من سننها وفضائلها أن صلاته صحيحة إن كان يعتقد أن فيها فرائض وسننا ومستحبات، وأما لو اعتقد أن كلها سنن أو مندوبات أو الفرض سنة أو مندوب فتبطل، وأما إذا اعتقد أنها كلها فرائض فتصح فيما يظهر إذا سلمت مما يفسدها، وكذا لو اعتقد أن السنة أو الفضيلة فرض أو السنة مستحب أو العكس، بشرط السلامة مما يفسد، وكذا إن كان أخذ وصفها عن عالم بأن رآه يفعل أو علمه كيفية الفعل، وقيل تبطل إن لم يعرف المكلف أحكام ما اشتملت عليه، ولذا قال بعضهم: إن حاجتنا إلى معرفة الأحكام آكد من حاجتنا إلى معرفة الصفة (١).
وأول شيء ينبغي للعبد فعله بعد تحصيل شروط الصلاة أن ينوي فعل تلك العبادة مع تمييزها وذلك لقول النبي ﷺ:«إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» ثم بعد النية عليه أن يستقبل القبلة لقوله تعالى: ﴿فول وجهك شطر المسجد الحرام﴾ [البقرة: ١٤٩] ولقوله ﷺ للمسيء صلاته: «استقبل القبلة وكبر»(٢)، لقوله ﷺ:«صل قائما» كما في حديث عمران بن حصين ﵁(٣)، فإذا فعل ذلك أتى بتكبيرة (الإحرام) وهل ذكر المصنف للإحرام هو: النية أو التكبير أو هما مع الاستقبال رجح الأجهوري الأخير، فالإضافة على الأول في قولهم تكبيرة الإحرام من إضافة المصاحب
(١) الثمر الداني (١٠٢). (٢) البخاري موصولا ومعلقا في صحيحه. انظر: الحديث رقم (٦١٧٤)، وأخرجه مسلم (٤٦). (٣) البخاري (١١١٧)، وأبو داود (٩٥٢)، والنسائي (٢/ ٣/ ٢٢٤)، والترمذي (٣٧٢).