قال ابن عبد البر: فإن كان الجوربان مجلدين كالخفين مسح عليهما، وقد روي عن مالك: منع المسح على الجوربين وإن كانا مجلدين والأول أصح (١).
قال ابن الحاجب: فلا يمسح على الجورب وشبهه ولا على الجرموق إلا أن يكون من فوقه ومن تحته جلد مخروز، ثم قال: لا يمسح عليه، واختار ابن القاسم الأول، وهو جورب مجلد، وقيل خف غليظ ذو ساقين، وقيل يمسح مطلقا (٢).
قال خليل في «التوضيح»: والجورب: ما كان على شكل الخف من كتان أو صوف أو غير ذلك، وشبهه: الخرق تلف على الرجل.
والجرموق بضم الجيم والميم بينهما راء ساكنة - فسره مالك في رواية ابن القاسم بأنه جورب مجلد، من تحته ومن فوقه جلد مخروز، وعلى هذا فإطلاق الجرموق عليه قبل التجليد مجاز.
فتبين أن المذهب لا يجوز فيه المسح على الجوربين، وذلك لأن العلة في عدمه: إن الرخصة لم ترد فيه.
وهذا مبني على الخلاف الواقع في جواز أو عدم جواز القياس على الرخصة في العبادات، وعلماء المذهب فيه على قولين، قول بالمنع، وقول بالجواز (٣).
قال القرافي: حجة المنع أن الرخص مخالفة للدليل، فالقول بالقياس عليها يؤدي إلى كثرة مخالفة الدليل، فوجب أن لا يجوز.
وحجة المجيزين أن الدليل إنما يخالفه صاحب الشرع لمصلحة تزيد على مصلحة ذلك الدليل عملا بالاستقراء، وتقديم الأرجح هو شأن صاحب الشرع
(١) الكافي (١/ ١٧٨). (٢) التوضيح على جامع الأمهات (١/ ٥٤٨). (٣) انظر: تنقيح الفصول للقرافي (٤١٥ - ٤١٦)، ونشر البنود (٢/ ١٠٤ - ١٠٥)، ط: المكتبة العصرية، ١٤٣٢ هـ/ ٢٠١١ م.