(والسفر) لحديث جرير السابق، والمغيرة بن شعبة: عن رسول الله ﷺ: «أنه خرج لحاجته فاتبعه المغيرة بإداوة فيها ماء فصب عليه حين فرغ من حاجته فتوضأ ومسح على الخفين»(١)، وقد كان في غزوة تبوك، ولأن المسح على الخفين من باب الرخص، والرخص لا تختص بالسفر فيجوز فعله حضرا وسفرا، وعلى المشهور لا يشترط لجواز المسح إباحة السفر (ما لم ينزعهما)؛ أي: أن المسح على الخفين غير محدود بمدة معلومة من الزمان وهو المشهور عن مالك، واحتجوا بحديث ابن أبي عمارة بكسر العين في ترك التوقيت أنه قال: يا رسول الله أمسح على الخفين؟ قال: نعم، قال: يوما؟ قال: يوما، قال ويومين؟ قال ويومين قال وثلاثة؟ قال: نعم وما شئت (٢)، وروي عن مالك توقيته في الحضر بيوم وليلة، وفي السفر بثلاثة أيام، وهو رواية أشهب وإليه ذهب ابن العربي (٣)، وهو الثابت الصحيح عن النبي ﷺ كما في حديث شريح بن هانئ قال:«أتيت عائشة ﵂ أسألها عن المسح على الخفين فقالت: عليك بابن أبي طالب فأسأله فإنه كان يسافر مع رسول الله ﷺ: فسألناه فقال: جعل رسول الله ﷺ: ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويوما وليلة للمقيم»(٤)؛ قال ابن
(١) البخاري (٢٠٠)، ومسلم (٦٤٩). (٢) أخرجه مالك كما في موطأ رواية محمد بن الحسن (١/ ١٠٦)، دار القلم، دمشق ١٤١٣ هـ، وأبو داود (١٨٣)، وابن ماجه، والدارقطني، وهو حديث ضعيف، ضعفه البخاري، وقال أبو داود: اختلف في إسناده وليس بالقوي، وقال أبو زرعة: رجاله لا يعرفون، وقال ابن حبان لست أعتمد على إسناد خبره، وقال ابن عبد البر: لا يثبت وليس إسناده بقائم، كذا ذكره الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث شرح الوجيز للرافعي، ونقل النووي في شرح المهذب (١/ ٤٨٤) اتفاق الأئمة على ضعفه، وانظر: أحاديث عدم التوقيت في نصب الراية (١/ ١٧٥) وما بعدها. وممن ضعفه: الفقيه المالكي المحدث ابن العربي في العارضة (١/ ١٤٢). (٣) واستدل كل من القرافي والباجي والقرطبي على جواز المسح في الحضر بحديث عائشة، ولكن الغريب أنهم لم يعتبروه في تحديد مدة المسح بينما الحديث نص في التحديد، الفقه المالكي وأدلته للحبيب بن طاهر (١/ ١٠٤)، ط: ابن حزم. (٤) رواه مسلم (٢٧٦).