وفي صفته عن النبي ﷺ كما في حديثي عمار، وأبي الجهيم ﵄ في حديث عمار بن ياسر لعمر بن الخطاب ﵄:«أما تذكر أنا كنا في سفر أنا وأنت، فأما أنت فلم تصل، وأما أنا فتمعكت فصليت، فذكرت للنبي ﷺ، فقال النبي ﷺ: «إنما كان يكفيك هكذا» فضرب النبي ﷺ بكفيه الأرض، ونفخ فيهما، ثم مسح بهما وجهه وكفيه» (١)، وفي رواية:«إنما كان يكفيك أن تصنع هكذا، فضرب بكفه ضربة على الأرض، ثم نفضها، ثم مسح بهما ظهر كفه بشماله أو ظهر شماله بكفه، ثم مسح بهما وجهه»(٢).
قال ابن العربي: فبين ذلك النبي ﷺ للخلق وعلمه للأمة فليس لأحد في ذلك رأي (٣).
ولا يضر هنا تقديم اليدين على الوجه، إذ هنا لم يحك الصفة على الترتيب، والراوي هنا أبو موسى ﵁ في مناظرة له مع ابن مسعود ﵁، وهي غير رواية صاحب الواقعة عمار ﵁. ولحديث أبي جهيم ﵁ في «الصحيحين» قال: «أقبل النبي ﷺ من نحو بثر جمل فلقيه رجل، فسلم عليه، فلم يرد عليه النبي ﷺ حتى أقبل على الجدار، فمسح بوجهه ويديه، ثم رد عليه السلام»(٤)، فإن لم يكن له يد يتيمم بغيرها، فإن عجز استناب، فإن لم تمكنه الاستنابة فإن الله تعالى قال: ﴿لا يكلف الله نفسا إلا وسعها﴾ [البقرة: ٢٨٦] ولا يتمرغ كما قال بعض الشراح (٥)، وليس المراد بالضرب حقيقته، بل المراد أنه يضع يديه على ما يتيمم به ترابا أو غيره، وهذا الضرب فرض، ولا يشترط علوق شيء بكفيه، فإن تعلق بهما شيء من حصى أو عيدان أو غير ذلك مما فيه أذى نفضهما نفضا خفيفا حتى عد بعضهم هذا النفض من
(١) البخاري (٣٣٨)، ومسلم (٨١٨). (٢) انظر: جامع الأصول (٧/ ٢٥٢). (٣) المسالك في شرح موطأ مالك لابن العربي (٢/ ٢٣٦). (٤) البخاري (٣٣٧)، ومسلم (٨٢٠). (٥) الثمر الداني (٧٦)، ط: المكتبة الثقافية، بيروت.