ولما بين صفة الوضوء المشتملة على فرائض وسنن وفضائل شرع يحث على الإتيان بها على هذه الصفة الحسنة لا يخل بشيء منها فقال:
(وقد قال رسول الله ﷺ: من توضأ فأحسن الوضوء … )؛ أي: من أتى بوضوء كامل بأن كان مستجمعا لفرائضه وسننه وفضائله ولم يخل بشيء منها (ثم رفع طرفه)؛ أي نظره كما في رواية لأحمد (إلى السماء فقال): قبل أن يتكلم (أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء)(١). قال النووي (٢): أما أحكام الحديث ففيه أنه يستحب للمتوضئ أن يقول عقب وضوئه: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله (٣)، وينبغي أن يضم إليه ما في رواية الترمذي متصلا بهذا الحديث: اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين (٤). ويستحب أن يضم إليه ما رواه النسائي في كتابه عمل اليوم والليلة مرفوعا: سبحانك اللهم وبحمدك أشهدك أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك أستغفرك وأتوب إليك (٥)، قال أصحابنا: وتستحب هذه الأذكار للمغتسل أيضا والله أعلم.
(وقد استحب بعض العلماء) هو ابن حبيب قال: إنه يستحب (أن يقول بإثر الوضوء) بكسر الهمزة وسكون المثلثة: (اللهم اجعلني من التوابين)؛ أي: الذين كلما أذنبوا تابوا (واجعلني من المتطهرين)؛ أي: من الذنوب وقد مر بك قول النووي في استحبابه لوروده من طريق الترمذي، ولعل المصنف قال استحب بعض العلماء لاعتقاده أن الحديث في هذا لا يصح (٦) والله أعلم.
(١) رواه مسلم من حديث عقبة بن عامر. انظر: شرح النووي (٣/ ٩٦)، وسنن النسائي، وابن ماجه. (٢) نفس الجزء والصفحة السابقة من شرح النووي. (٣) رواه مسلم (٢٣٤). (٤) الترمذي (٥٥). (٥) عبد الرزاق في مصنفه (٧٣٠). وقال النسائي في عمل اليوم والليلة: موقوف (٨١). (٦) قال الشيخ أحمد شاكر في تحقيقه للجامع الصحيح للترمذي (السنن) (١/ ٨٣): تنبيه: كل الروايات التي ذكرنا ليس فيها قوله: «اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من =